للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وتعالى للمشفوع له لينال الخير والأجر والنعيم، ويوقى الشر والعذاب، ولكنها أخص من الدعاء من حيث إن الدعاء يتصور أن يصدر من شخص واحد يطلب أمرًا له أو لغيره من غير طلب المدعو له لهذا الأمر، بل قد لا يعلم به أصلًا ولا يتصوره في نفسه، وهذا بخلاف الشفاعة إذ لا تكون إلا إذا كان هناك شخصان يطلبان أمرًا، فيشفع أحدهما الآخر بخلاف الطالب الواحد الذي لم يشفع غيره (١).

* المسألة الثانية * بيان معنى القاعدة

دلت القاعدة في الجملة على أمرين عظيمين:

الأول: أن مالك الشفاعة هو الله تعالى، فلا يملكها مخلوق على الإطلاق لا مَلَكٌ مقرب، ولا نبي مرسل، ولا ولي ولا صالح ولا جن ولا إنس، بل هي حق الله الخالص الذي لا يشركه فيه مخلوق بحال.

الثاني: أن الأصل في الاستشفاع وهو طلب الشفاعة أن يكون من مالكها وهو الرب تعالى، أو ممن أذن الله تعالى أن يستشفع به فمن طلبها من غير الله أو من غير من أذن له وقع في الشرك الأكبر.

فالقاعدة قررت ملك الله تعالى الكامل للشفاعة واستقلاله بها، فالمخلوقات دونه سبحانه لا تملك شيئًا من هذه الشفاعة على الإطلاق، وعليه فلا تطلب إلا من مالكها أو ممن أذن له سبحانه أن يشفع.


= على مهمات التعاريف (ص ٤٣٢)، فتح الباري لابن حجر (١١/ ٤٤١)، الكليات لأبي البقاء (ص ٥٣٦)، لوامع الأنوار للسفاريني (٢/ ٢٠٤)، روح المعاني (٥/ ٩٧)، والتحرير والتنوير لابن عاشور (١/ ٤٨٦)، القول المفيد على كتاب التوحيد لابن عثيمين (١/ ٣٣١).
(١) انظر: مجموع الفتاوى (١/ ٢٤٢)، والتوسل أنواعه وأحكامه للشيخ الألباني (ص ٧٣).