للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ما يقتضي أن يقوم بأمر الله بإصلاح هذا الولد صارت عبادة.

وكذلك المحبة الطبيعية، كالأكل والشرب والملبس والمسكن إذا قصد بها الاستعانة على عبادة صارت عبادة، ولهذا (حبب للنبي -صلى الله عليه وسلم- النساء والطيب) من هذه الدنيا، فحبب إليه النساء، لأن ذلك مقتضى الطبيعية، ولما يترتب عليه من المصالح العظيمة، وحبب إليه الطيب؛ لأنه ينشط النفس ويريحها ويشرح الصدر، ولأن الطيبات للطيبين والله طيب لا يقبل إلا طيبًا.

فهذه الأشياء إذا اتخذها الإنسان بقصد العبادة صارت عبادة، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى" (١)، وقال العلماء: إن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، وقالوا: الوسائل لها أحكام المقاصد، وهذا أمر متفق عليه" (٢).

* المسألة الخامسة * فوائد القاعدة وتطبيقاتها

لا يخفى بما سبق ذكره من مسائل: أهمية هذه القاعدة العظيمة التي بيَّنت أصل الدين، وأساس الملة الحنيفية، وفرَّقت بين أصول التوحيد وأصول الشرك، وبعد تأمّل أقوال أهل العلم في هذا الباب يمكننا استخراج العديد من الفوائد والتطبيقات من خلال القاعدة، ومن ذلك ما يلي:

أولًا: دلت القاعدة على إثبات المحبة الحقيقية للرب تعالى، وهذا هو اعتقاد أهل السُّنَّة والجماعة، وهو الذي دلت عليه نصوص القرآن الكريم والسُّنَّة المطهرة؛ أي: كون الله يُحِب ويُحَب حقيقة، فهو يُحِب


(١) انظر: تخريج الحديث (ص ٣٦٨).
(٢) القول المفيد شرح كتاب التوحيد (٢/ ٤٤ - ٤٦).