للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يقول الإمام القرافي: "القاعدة أن الوسائل تتبع المقاصد في أحكامها، فوسيلة المحرم محرمة، ووسيلة الواجب واجبة، وكذلك بقية الأحكام، غير أنها أخفض رتبة منها، ووسيلة أقبح المحرمات أقبح الوسائل، ووسيلة أفضل الواجبات أفضل الوسائل" (١).

ويقول الشيخ السعدي في قواعده الحسان: "قد أرشد القرآن إلى المنع من الأمر المباح إذا كان يفضي إلى ترك الواجب، أو فعل محرم، وهذه القاعدة وردت في القرآن في مواضع متعددة، وهي من قاعدة: الوسائل لها أحكام المقاصد ... فالأمور المباحة هي بحسب ما يتوسل بها إليه، فإن توسل بها إلى فعل واجب، أو مسنون كانت مأمورًا بها، وإن توسل بها إلى فعل محرم، أو ترك واجب، كانت محرمة منهيًا عنها، وإنما الأعمال بالنيات الابتدائية والغائية" (٢).

* المسألة الخامسة * فوائد القاعدة وتطبيقاتها

لقد استفاد أهل العلم من هذه القاعدة في الحكم على كثير من المسائل الشرعية، لا سيما مستجدات المسائل التي تطرأ حسب تغير الأزمان، وفيما يأتي أتناول بعض تلك الفوائد والتطبيقات مستخلصًا لها من كلام أهل العلم:

أولًا: دلت القاعدة على أن الوسائل لها أحكام المقاصد، هذا في الغالب الأعم ومن حيث الجملة؛ فإن كانت الوسيلة يتوقف عليها حصول المقصود فإنها تعطى حكمه تمامًا، فما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، وما لا يتم المندوب إلا به فهو مندوب، وما لا يتم ترك المحرم إلا بتركه فتركه واجب، وهكذا.


(١) الفروق (٣/ ٢٠٠).
(٢) القواعد الحسان في تفسير القرآن، للشيخ السعدي، قاعدة (٦٥)، (ص ٩٦).