للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إرادة جازمة نطق بهما قطعًا لوجود القدرة والداعي التام ومن لم ينطق علم أنه لم يرد ومن لم يرد الطاعة فيمتنع أن يطلب من الرسول أن يخلقها فيه فإنَّه إذا طلب من الرسول أن يخلقها الله فيه كان مريدًا لها ولا يتصور أن يقول مثل ذلك إلا مريدًا ولا يكون مريدًا للطاعة إلا ويفعلها" (١).

[القسم الثالث]

الأدلة على أن تحقيق شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله لا بد أن يتضمن العمل بشرائع الإسلام الظاهرة، فمن لم يعمل بشرائع الإسلام الظاهرة فهذا يدل على عدم إيمانه أو على ضعفه؛ وذلك كمن ينتفي عنه الإيمان لعدم نطقه بالشهادتين مع القدرة إجماعًا، أو مع الخلاف كما في الصلاة، وقد لا ينتفي أصل الايمان، ولكن ينتفي تمامه وكماله لعدم أدائه ذلك الواجب المعين، ومن تلك الأدلة ما يأتي:

حديث عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما -: "بني الإسلامي على خمس شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول اللّه وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة الحج وصوم رمضان" (٢)، فذكر قواعد الإسلام وأصوله الخمسة التي ينبني عليها، وهذا يدل على أن هذه المباني لا يحصل تحقيق الشهادتين إلا بها، فمنها ما ينتفي الإيمان بانتفائه، كالشهادتين إجماعًا، وكالصلاة على الخلاف، وأما بقية الأركان فإن الإيمان لا يكون تامًا بدونها؛ إذ الإيمان الصحيح التام لا يحصل بدون تحقق العبد بشعائر الإسلام وأعماله الظاهرة.


= [ترجمته في: خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر (٤/ ٣٥٨)، والأعلام للزركلي (٧/ ٢٠٣)].
(١) رفع الشبهة والغرر عمن يحتج على فعل المعاصي بالقدر، لمرعي الكرمي (ص ٦١).
(٢) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الإيمان، باب: دعاؤكم إيمانكم (١/ ١٢)، برقم (٨)، وأخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الإيمان، باب: بيان أركان الإسلام ودعائمه العظام (١/ ٤٥)، برقم (١٦) من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما-.