للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال ابن حزم عقب الحديث: "فكل مولود فهو على الفطرة، وعلى ملة الإسلام" (١).

ويزيد الإمام ابن القيم الأمر بينًا في كون الفطرة هي الإسلام فيقول في "شرح أبي داود": "ولأن قراءة قوله تعالى: {فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ} عقب الحديث صريح في أن المراد بها فطرة الإسلام؛ ولأن تشبيه المولود في ولادته عليها بالبهيمة الجمعاء وهي الكاملة الخلق، ثم تشبيهه إذا خرج عنها بالبهيمة التي جدعها أهلها فقطعوا أذنها دليل على أن الفطرة هي الفطرة المستقيمة السليمة.

وما يطرأ على المولود من التهويد والتنصير بمنزلة الجدع والتغيير في ولد البهيمة؛ ولأن الفطرة حيث جاءت مطلقة معرفة باللام لا يراد بها إلا فطرة التوحيد والإسلام؛ وهي الفطرة الممدوحة؛ ولهذا جاء في حديث الإسراء لما أخذ النبي - صلى الله عليه وسلم - اللبن قيل له: أصبت الفطرة، ولما سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - المؤذن يقول: الله أكبر الله أكبر قال: على الفطرة، وحيث جاءت الفطرة في كلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فالمراد بها فطرة الإسلام لا غير، ولم يجيء قط في كلامه مرادًا بها فطرة الشقاوة وابتداء الخلقة في موضع واحد" (٢).

* المسألة الرابعة * أقوال أهل العلم في تقرير معنى القاعدة

فيما يأتي بعض ما وقفت عليه من أقوال أهل العلم تؤيد وتقرر معنى القاعدة:


(١) المحلى (١١/ ٣٠).
(٢) حاشية ابن القيم على سنن أبي داود (١٢/ ٣١٨).