للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

* المسألة الرابعة* فوائد القاعدة وتطبيقاتها

بعض ما ظهر لي من فوائد للقاعدة:

أولًا: بناء على القاعدة فقد عرَّف بعض أهل العلم العبادة بأنها التوحيد؛ كما جاء ذلك عن ابن عباس -رضي الله عنهما-: "قال: قال الله: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ} [البقرة: ٢١] للفريقين جميعًا من الكفار والمنافقين؛ أي: وحدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم" (١).

يقول الإمام الطبري مفسرًا لقول ابن عباس -رضي الله عنهما-: "والذي اراد ابن عباس -إن شاء الله- بقوله في تأويل قوله: {اعْبُدُوا رَبَّكُمُ}: وحدوه، أي: أفردوا الطاعة والعبادة لربكم دون سائر خلقه" (٢).

وقال الإمام البخاري عند قوله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (٥٦)} [الذاريات: ٥٦]: "مَا خَلَقْتُ أهْلَ السَّعَادَةِ مِنْ أهْلِ الفَرِيقَيْنِ إلَّا لِيُوحِّدُونِ" (٣).

ويقول -الإمام المجدد- الشيخ محمد بن عبد الوهاب في مسائله على كتاب التوحيد: "الثانيةُ: أن العبادة هي التوحيدُ؛ لأن الخصومة فيه" (٤).

والمقصود: أن الخصومة بين الأنبياء وأقوامهم كانت في التوحيد؛ لأنَّهم جاؤوا بأشياء كثيرة غير التوحيد فلم ينكرها المشركون وإنما جادلوا في شأن التوحيد.


(١) تفسير الطبري (١/ ١٦٠).
(٢) المصدر نفسه (١/ ١٦٠).
(٣) صحيح البخاري (٤/ ١٨٣٧)، ولقد جاء تفسير العبادة بالتوحيد عن غير واحد ممن أهل العلم، [انظر: تفسير الطبري (١٦/ ١٤٧)، وتفسير البحر المحيط (٦/ ٢١٧)، وعمدة القاري (٩/ ٢٥)، وتفسير ابن كثير (٣/ ١٤٥)].
(٤) كتاب التوحيد (ص ٩).