للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

* المسألة الثانية* معنى القاعدة

قررت القاعدة أن التوجه والاستقبال إذا كان مقصودًا به القربة ونيل الأجر والثواب فهو في نفسه عبادة من العبادات، فيجب فيها الإخلاص لله تعالى، ومتابعة صاحب الشرع المطهر.

والمقصود: أنه لا يشرع التوجه والاستقبال بنية التقرب والتعبد والتعظيم والخضوع إلى أي شيء سوى ما شرع الله تعالى التوجه إليه، وتعبدنا بقصد استقباله، وهذا يشمل حال كثير من العبادات، فمن العبادات ما يكون التوجه والاستقبال فيه مخصوصًا بالكعبة، ومنها ما خص بغيرها، وكل بحسبه من حيث الوجوب والاستحباب، فالتوجه والاستقبال بنية التقرب مخصوص بالكعبة خاصة، وكما بينا ليس في الإسلام إلا قبلة واحدة (١).

يقول الإمام ابن عبد البر: "فإن القبلة على كل حال يستحب استقبالها بالأعمال التي يراد بها الله - عزَّ وجلَّ -؛ تبركًا بذلك، واتباعًا للسُّنَّة قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "من أكل ذبيحتنا واستقبل قبلتنا ... " الحديث" (٢).

ثم إن سائر الجهات قد خص منها جهة القبلة بالتشريف، فالعدل أن يستقبل في الذكر، والعبادة، والوضوء، وأن ينحرف عنها حال قضاء الحاجة، وكشف العورة، إظهارًا لفضل ما ظهر فضله (٣).

وقال المناوي (٤): "فاستقبال القبلة مطلقًا مطلوب؛ لكنه في الصلاة


(١) المشاهدات المعصومية لمحمد سلطان المعصومي، وهو ضمن المجموع المفيد في نقض القبورية ونصرة التوحيد، للأستاذ الدكتور محمد الخميس- حفظه الله- (ص ٢٥٧ - ٢٦١).
(٢) الاستذكار (٤/ ٢٤٦).
(٣) انظر: فيض القدير (١/ ٥٢٣).
(٤) هو: محمد عبد الرؤوف بن تاج العارفين بن علي بن زين العابدين الحدادي، =