للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

* المسألة الرابعة* أقوال أهل العلم في تقرير معنى القاعدة

قرر أهل العلم هذه القاعدة إما في ثنايا كلامهم في تقرير العلاقة بين الربوبية والألوهية، وبعضهم يقررها في رده على بعض شبه أهل الضلال، وفيما يلي أنقل ما وقفت عليه من ذلك:

يقول العلامة الألوسي: "وقد يقال: إنهم أشاروا بالجملة الأولى إلى توحيد الربوبية، وبالجملة الثانية إلى توحيد الألوهية، وهما أمران متغايران وعبدة الأوثان لا يقولون بهذا ويقولون بالأول" (١).

ويقول -الإمام المجدد- الشيخ محمد بن عبد الوهاب: "فاعلم أن الربوبية والألوهية يجتمعان ويفترقان كما في قوله: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (١) مَلِكِ النَّاسِ (٢) إِلَهِ النَّاسِ (٣)} [الناس:١ - ٣] وكما يقال: رب العالمين وإله المرسلين، وعند الإفراد يجتمعان كما في قول القائل: من ربك مثاله الفقير والمسكين نوعان في قوله: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ} [التوبة: ٦٠] ونوع واحد في قوله: (افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد إلى فقرائهم).

إذا ثبت هذا فقول الملكين للرجل في القبر: (من ربك)؛ معناه: من إلهك لأن الربوبية التي أقر بها المشركون ما يمتحن أحد بها، وقوله: {قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا} [الأنعام: ١٦٤]، وقوله: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا} [فصلت: ٣٠] فالربوبية في هذا هي الألوهية ليست قسيمة لها كما تكون قسيمة لها عند الاقتران فينبغي التفطن لهذه المسألة" (٢).

ويقول الإمام ابن تيمية موضحًا لهذه القاعدة: "وفي لفظ الفقير


(١) روح المعاني (١٥/ ٢١٩).
(٢) مؤلفات محمد بن عبد الوهاب في العقيدة (ص ١٧).