للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويبيّن رحمه الله أنواع المحبة الطبيعية المشتركة فيقول: "والمحبة المشتركة ثلاثة أنواع؛ أحدها: محبة طبيعية مشتركة، كمحبة الجائع للطعام، والظمآن للماء، وغير ذلك، وهذه لا تستلزم التعظيم، والنوع الثاني: محبة رحمة وإشفاق، كمحبة الوالد لولده الطفل ونحوها، وهذه أيضًا لا تستلزم التعظيم، والنوع الثالث: محبة أنس وإلف؛ وهي محبة المشتركين في صناعة، أو علم، أو مرافقة، أو تجارة، أو سفر بعضهم بعضًا، وكمحبة الإخوة بعضهم بعضًا، فهذه الأنواع الثلاثة هي المحبة التي تصلح للخلق بعضهم من بعض، ووجودها فيهم لا يكون شركًا في محبة الله سبحانه؛ ولهذا كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يحب الحلواء والعسل، وكان أحب الشراب إليه الحلو البارد، وكان أحب اللحم إليه الذراع، وكان يحب نساءه، وكانت عائشة -رضي الله عنها- أحبهن إليه، وكان يحب أصحابه، وأحبهم إليه الصديق" (١).

* المسألة الثالثة * أدلة القاعدة

كما سبق معنا في معنى القاعدة أنها تضمنت المحبة الدينية سواء كانت شرعية أم غير شرعية، وفيما يلي أذكر من الأدلة ما يناسب هذه الأنواع، وهذه الأدلة على أنواع حسب ما دلت عليه القاعدة؛ فإن القاعدة دلت في الجملة على أربعة أنواع من المحبة:

الأول: محبة هي أصل الدين، وأساس الإسلام، وقاعدة الإيمان، وقوام الملة، وعليها تقوم جميع الأعمال الإيمانية، الظاهرة والباطنة.

الثاني: محبة شركية هي أساس الشرك، وأصل الكفر، بل ما من شرك في الأرض إلا وهذه المحبة أساسه وقوامه، وبها ينهدم الإيمان ولا يبقى منه حبة خردل.


(١) طريق الهجرتين (ص ٤٤١ - ٤٤٢)، وانظر: إغاثة اللهفان (٢/ ١٤٠).