للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فليتبوأ مقعده من النار" (١).

يقول الإمام الطحاوي في شرح هذا الحديث: "فأوجب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في هذا الحديث على أمته التبليغ عنه، ثم قد فرق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بين التبليغ عنه والحديث عن غيره فقال وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج؛ أي: ولا حرج عليكم في أن لا تحدثوا عنهم في ذلك " (٢).

[القسم الثاني: الأدلة الدالة على الواسطة المنفية غير الشرعية]

بينَّا فيما سبق معنى هذه الواسطة المنفية، وهي اتخاذ أو اعتقاد واسطة بينك وبين الله تعالى فيما يتعلق بأمور الربوبية أو الألوهية، ولا شك في بطلان هذا الاتخاذ، بل مجرد اعتقاد مثل هذه الواسطة بينك وبين الله تعالى في شأن الربوبية والألوهية يعتبر مخرجًا من الإسلام، ومما يدل على بطلان هذه الوسائط ما يلي:

١ - ما أمر به سبحانه عباده من إخلاص الدعاء له وحده والاستغاثة به واللجوء إليه وحده، وإنزال الحاجات والضرورات والشدائد به سبحانه دون ما سواه، ولم يقل سبحانه لعباده اطلبوا واسطة مناسبة تصلون بها إليَّ، أو أنه لا يمكن الوصول إليه إلا عن طريق تلك الوسائط، بل دلهم على دعائه سبحانه وحده مباشرة بدون أي وسائط، أو تدخلات من البشر، كما قال عزَّ وجلَّ: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ (١٨٦)} [البقرة: ١٨٦]. وقال تعالى: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ (٦٠)} [غافر: ٦٠]


(١) أخرجه البخاري، كتاب الأنبياء، باب: ما ذكر عن بني إسرائيل (٣/ ١٢٧٥)، رقم (٣٢٧٤).
(٢) شرح معاني الآثار (٤/ ١٢٨).