للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فجميع هذه النصوص دلت على أن الواسطة في تبليغ الوحي إلى الأنبياء والرسل جميعًا هي الملائكة.

يقول الرازي: "فإذا ثبت أن وحي الله تعالى إنما يصل إلى البشر بواسطة الملائكة، فالملائكة يكونون كالواسطة بين الله تعالى وبين البشر" (١).

كما أن الأنبياء واسطة بيننا وبين الله تبارك وتعالى في تبليغ الوحي والشرائع كما قال عزَّ وجلَّ: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ} [النساء: ٦٤]، وقوله سبحانه: {اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (٧٥)} [الحج: ٧٥] وقوله تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي شِيَعِ الْأَوَّلِينَ (١٠)} [الحجر: ١٠].

يقول الإمام ابن تيمية: "والرسول هو الواسطة والسفير بينهم وبين الله عزَّ وجلَّ، فهو الذي يبلغهم أمر الله ونهيه ووعده ووعيده، وتحليله وتحريمه: فالحلال ما حلله الله ورسوله، والحرام ما حرَّمه الله ورسوله، والدين ما شرعه الله ورسوله" (٢).

وقال ابن الوزير: "وهذا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو المبين لكتاب الله الواسطة المختارة بين الله وبين عباد الله " (٣).

أما ما دون الأنبياء من الصحابة ومشايخ العلم والدين فهم واسطة كذلك بين النبي -صلى الله عليه وسلم- وما علموه من الكتاب والسُّنَّة وبين الأمة، إذ هم ورثة الأنبياء فيجب عليهم التبليغ والبيان بقدر ما عرفوه من ذلك، ويدل على ذلك حديث عبد الله بن عمرو -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "بلِّغوا عني ولو آية وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج، ومن كذب عليّ متعمّدًا


(١) التفسير الكبير (٧/ ١١٣).
(٢) مجموع الفتاوى (٣٥/ ٣٧٢).
(٣) إيثار الحق على الخلق، لابن الوزير اليماني (ص ١٤٠).