* المسألة الرابعة* أقوال أهل العلم في تقرير معنى القاعدة
اهتم العلماء بقضية التلازم بين أنواع التوحيد، والتلازم بين أضداده من أنواع الشرك باللّه العظيم؛ والسبب في هذا أنه لا يكمل إيمان أحد إلا باجتماعها جميعًا، فإذا وجد بعضها ولم يوجد الآخر دلَّ ذلك على عدم اعتباره وتمامه وصحته، إذ لو كان صحيحًا تامًا لاستلزم بقية الأنواع، إضافة إلى أنهم احتاجوا إلى هذا التلازم في الرد على المنحرفين في أبواب التوحيد، فألزموا أهل الباطل بما هو لازم قولهم، وإن لم يقروا بما ألزموا به، ولكنه لازم لمذهبهم الفاسد لزومًا لا محيد لهم عنه.
وفيما يلي أنقل ما وقفت عليه من أقوال العلماء في تأييد معنى القاعدة، وكلامهم قد يكون في اعتماد القاعدة بجملتها، وقد يكون متعلقًا ببعض أجزائها فيستفاد منه في تقرير معنى القاعدة:
وكما ذكرت من قبل بأن التلازم بين أنواع التوحيد وأضدادها تلازم كلي عام من الطرفين، لكن من أهل العلم من يعبّر أحيانًا بما يفهم أنه تلازم من طرف واحد بمعنى أن ثبوت الملزوم يستلزم ثبوت اللازم بلا عكس، وانتفاء اللازم يستلزم انتفاء الملزوم بلا عكس، أو يجعل التلازم من جهة والتضمن من جهة، وهم إنما قرروا هذا باعتبار تعلق هذه الأنواع بالمخلوقين، فإنه قد يوجد في البعض -كمشركي العرب- الإقرار بالربوبية العامة ويتخلف عندهم توحيد العبادة، كما أنه قد يوجد الشرك في العبادة ولا يستلزم الشرك في أصل الربوبية العامة؛ ولذا جعلوا التلازم من طرف واحد، فتوحيد الربوبية والأسماء والصفات يستلزم توحيد الإلهية، فيكون الأول ملزوم والثاني لازم، وإذا ثبت الملزوم اقتضى اللازم، وإذا انتفى اللازم اقتضى انتفاء الملزوم، هذه هي قاعدة التلازم من طرف واحد.