للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

العباد له؛ أي: هو الذي يحصل كمالهم وصلاحهم الذي به يكونون مرضيين محبوبين، فمن لم تحصل منه هذه الغاية كان عادمًا لما يحب ويرضى، ويراد له الإرادة الدينية التي فيها سعادته ونجاته" (١).

وقال -رحمه الله-: "فالغاية الحميدة التي بها يحصل كمال بني آدم، وسعادتهم، ونجاتهم عبادة الله وحده، وهي حقيقة قول القائل: لا إله إلا الله" (٢).

وقال أيضًا: "وجماع الصلاح للآدميين هو طاعة الله ورسوله، وهو فعل ما ينفعهم وترك ما يضرهم، والفساد بالعكس، فصلاح الشيء هو حصول كماله الذي به تحصل سعادته، وفساده بالعكس، والخلق صلاحهم وسعادتهم في أن يكون الله هو معبودهم الذي تنتهي إليه محبتهم وإرادتهم، ويكون ذلك غاية الغايات، ونهاية النهايات، فعبادته هي الغاية التي فيها صلاحهم" (٣).

* المسألة الرابعة* أقوال أهل العلم في تقرير معنى القاعدة

تضافرت أقوال أهل العلم -رحمهم الله- في اعتماد هذه القاعدة والتدليل عليها، بل واعتبروها من الأصول العظيمة لهذا الدين، وفيما يأتي أنقل بعض ما وقفت عليه من أقوالهم:

قال الإمام الشافعي -رحمه الله-: "خلق الله الخلق لعبادته" (٤).

ويقول الإمام ابن تيمية: "والعبادة: هي الغاية التي خلق الله لها العباد؛ من جهة أمر الله، ومحبته، ورضاه كما قال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ


(١) مجموع الفتاوى (٨/ ١٨٩).
(٢) الجواب الصحيح (٦/ ٢٩).
(٣) انظر: درء التعارض (٩/ ٣٧٢ - ٣٧٣)، ومجموع الفتاوى (١٠/ ٥٤٥).
(٤) انظر: معرفة السُنن والآثار للبيهقي (٦/ ٤٩١)، وأحكام القرآن للشافعي (٢/ ٣).