للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

* المسألة الثانية * معنى القاعدة

تضمنت القاعدة بيان حقيقة الشرك الشرعية، وبيان أحد أركانه التي لا ينفك عنها البتة، وهو بمثابة الضابط والميزان لكل ما يعتبر شركًا بالله العظيم، ألا وهو التسوية الحاصلة بين الله تعالى وبين من أُشْرِكَ معه فيما يختص به في الذات أو الصفات أو الأفعال أو الحقوق (١).

وبحسب هذه الأنواع يتنوع الشرك بالله العظيم؛ فمن سَوَّى بين الله وغيره في ذاته وأفعاله، أو في أسمائه وصفاته كان واقعًا في شرك الربوبية.

يقول الإمام يحيى بن أبي الخير العمراني: "وقد أخبر الله بضلال من سوى بين الله وبين خلقه بشيء فقال تعالى إخبارًا عن أهل النار: {تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (٩٧) إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (٩٨)} [الشعراء: ٩٧، ٩٨]، ومن سمى غير الله خالقًا لشيء من الأشياء فقد سوى غير الله بالله، وقد قال سبحانه: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى: ١١] " (٢).

ومن وقع في تسوية الله تعالى مع أحد من خلقه -مهما كان- في شيء من خصائصه وحقوقه، واستحقاقه للعبادة، والخضوع والمحبة له فإنه يكون بذلك واقعًا في شرك الألوهية والعبادة.

والتسوية في الخصائص والحقوق المشار إليها في القاعدة تَعُم جميع ما اختص به سبحانه في الذات أو الصفات أو الأفعال، أو


= وتاج العروس (٣٨/ ٣٣٢)، وتفسير الطبري (٤/ ٥١)، وأساس البلاغة (ص ٣١٥)، والمصباح المنير (١/ ٢٩٨)، ومختار الصحاح (١٣٦)، ومجموع الفتاوى (١٦/ ١٣٣)، وانظر: (٢٠/ ٨٢).
(١) انظر: الدرر السنية (٢/ ٣٢١).
(٢) الانتصار في الرد على المعتزلة القدرية الأشرار (١/ ٢٣١).