للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

"وأما غاية الشيء: يريد بيان علته الغائية؛ دفعًا لما يستبعد من كون المتأخر عن الشيء علة له، فمعنى كون غاية الشيء علة له: أن ذلك الشيء يفتقر في وجوده العيني إلى وجودها العقلي، بواسطة أنه يحتاج إلى علته الفاعلية، وهي في كونها علة تحتاج إلى تصور الغائية ضرورة أن الفاعل ما لم يتصور غاية ما لا يُفْعَل إلا لغاية لم يفعله، ومن ههنا قالوا: إن الغاية بماهيتها؛ أي: بصورتها الذهنية علة لفاعلية الفاعل وبانيتها؛ أي: هويتها الخارجية معلول للفاعل، بل لمعلوله الذي هو ما له الغاية؛ فإن النجار يتصور الجلوس على السرير فَيُوْجِدَه، ثم يوجد الجلوس عليه، وللقوم عبارة أخرى: وهو أن الغاية بالوجود الذهني علة، وبالوجود العيني معلول، وهذا معنى قولهم: أول الفكر آخر العمل" (١).

ويقول الرازي: "العلة الغائية حال كونها ذهنية علة العلل، وحال كونها خارجية معلولة العلل، فقد حصلت له علاقتا العلية والمعلولية" (٢).

وكونها علة العلل؛ لأن جميع الحركات والأفعال في هذا الكون ناتجة منها، وكائنة بسببها؛ لأنَّها أول ما يتصورها الفاعل في ذهنه، فإذا وجدت بعد ذلك كانت معلولة لفعل الفاعل الذي كان سببًا في وجودها وخروجها إلى العين.

* المسألة الثانية * معنى القاعدة

لا شك أن بيان غاية الشيء، ومعرفة الحكمة منه فيما يتعلق بخلق الله وأمره مما له بالغ الأثر، وعظيم الفائدة العائدة على النفس


(١) شرح المقاصد في علم الكلام (١/ ١٧٢ - ١٧٣).
(٢) المحصول (١/ ٤٥٠)، وانظر: شرح التوضيح على التوضيح، لعبيد الله الحنفي (١/ ١٨٠).