للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الأنعام: ٥١] نفى الشفاعة مطلقًا، وإذا ذكر {بِإِذْنِهِ} لم يقل: {مِنْ دُونِهِ} كقوله: {مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ} [البقرة: ٢٥٥] " (١).

* المسألة الرابعة * أقوال أهل العلم في تقرير معنى القاعدة

أدرك أهل العلم -رحمهم الله- خطورة مسألة الشفاعة وسؤالها من غير مالكها، ولذا كثر اهتمامهم ببحثها وتقريرها وضبطها، كيف لا وهي سبب الضلال والانحراف لكثير من الأمم والشعوب في حاضر تاريخها وغابره، فوقعوا بسببها في الشرك بالله العظيم، وصرفت العبادة لغير الله المولى سبحانه وتعالى (٢)، وفيما يلي أذكر بعضًا مما وقفت عليه من كلام أهل العلم في تقرير وتأييد معنى القاعدة:

يقول الإمام ابن تيمية في شأن المشركين: "لكن كانوا يثبتون الشفاعة بدون إذنه، فيجعلون المخلوق يملك الشفاعة، وهذا نوع من الشرك، فلهذا قال تعالى: {وَلَا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الشَّفَاعَةَ}، فالشفاعة لا يملكها أحد غير الله" (٣).

ويقول - الإمام المجدد - الشيخ محمد بن عبد الوهاب: "فإذا كانت الشفاعة كلها لله، ولا تكون إلا من بعد إذنه، ولا يشفع النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا غيره في أحد حتى يأذن الله فيه، ولا يأذن إلا لأهل التوحيد، تبين لك أن الشفاعة لله كلها فاطلبها منه فأقول: اللَّهُمَّ لا تحرمني شفاعته، اللَّهُمَّ شفعه في وأمثال هذا" (٤).


(١) مجموع الفتاوى (١٤/ ٤٠٦).
(٢) انظر: تيسير العزيز الحميد (ص ٢٢٠)، والتمهيد لشرح كتاب التوحيد (ص ٢١٤).
(٣) مجموع الفتاوى (١٦/ ١٢٢).
(٤) كشف الشبهات ضمن مجموع مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب (الرسالة السابعة عشرة، رسالة إلى أهل المغرب) (٣/ ٦٣).