للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واجب، وخارجها مندوب" (١).

* المسألة الثالثة * أدلة القاعدة

يمكن الاستدلال على هذه القاعدة بما يلي:

أولًا: قوله تعالى: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ} [البقرة: ١٤٤]، وقال سبحانه: {وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِنَّهُ لَلْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (١٤٩)} [البقرة: ١٤٩].

وليس بخاف أنّ أوّل ما نسخ من أمور الشرع أمر القبلة (٢)؛ وذلك أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه كانوا يصلّون بمكّة إلى الكعبة، فلمّا هاجر النبيّ -صلى الله عليه وسلم- إلى المدينة وقدمها لليلتين خلتا من شهر ربيع الأول، أمره تعالى أن يصلي نحو الصخرة ببيت المقدس؛ ليكون أقرب إلى تصديق اليهود إيّاه إذا صلّى إلى قبلتهم، مع ما يجدون من نعته في التوراة، وهذا قول عامّة المفسّرين (٣).

وأما وجه دلالة الآيات على معنى القاعدة فمن وجوه:

الأول: دلَّ قوله تعالى: {فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا} على أن استقبال القبلة عبادة لله تعالى؛ لأن العبادة هي كل ما يحبه الله ويرضاه، وبيان


= المناوي القاهري الشافعي. له مصنفات كثيرة منها: فيض القدير شرح الجامع الصغير، وشرح الشمائل للترمذي، توفي سنة ١٠٣١ هـ. [انظر ترجمته في: البدر الطالع (١/ ٣٥٧)].
(١) فيض القدير (١/ ٥٢٣).
(٢) ذكر ذلك الإمام الطبري عن ابن عباس -رضي الله عنهما-. انظر: تفسير الطبري (١/ ٥٠٢).
(٣) انظر: تفسير الثعلبي (٢/ ١٠)، ومال إليه جملة من المحققين منهم الإمام ابن عبد البر، وفي المسألة قول آخر. [انظر: الاستذكار (١/ ١٩)].