للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هذا ما وقفت عليه من ألفاظ العلماء في تأييد معنى القاعدة وتقريرها.

* المسألة الخامسة * فوائد القاعدة وتطبيقاتها

يمكن الاستفادة من القاعدة وتطبيقها في أمور عديدة، ومن تلك الفوائد ما يلي:

أولًا: دلت القاعدة على ثبوت الشفاعة الشرعية في الآخرة، وهذا هو مذهب أهل السُّنَّة والجماعة أخذًا بالنصوص الصريحة الدالة على ثبوتها، وذلك خلافًا لمن أنكرها من أهل البدع وتأول فيها النصوص على غير وجهها، والحق أنها ثابتة لمن أذن الله له في الآخرة أن يشفع من الأنبياء والملائكة والصالحين والشهداء وغيرهم، فهي نائلة كل من مات على التوحيد والإيمان وكان مقترفًا لكبائر الذنوب بعد إذن الله للشافع ورضاه عن المشفوع له.

يقول الإمام ابن أبي العز الحنفي: "ثم إن الناس في الشفاعة على ثلاثة أقوال: فالمشركون والنصارى والمبتدعون من الغلاة في المشايخ وغيرهم: يجعلون شفاعة من يعظمونه عند الله كالشفاعة المعروفة في الدنيا، والمعتزلة والخوارج أنكروا شفاعة نبينا - صلى الله عليه وسلم - وغيره في أهل الكبائر، وأما أهل السُّنَّة والجماعة فيقرون بشفاعة نبينا - صلى الله عليه وسلم - في أهل الكبائر وشفاعة غيره، لكن لا يشفع أحد حتى يأذن الله له، ويحد له حدًّا كما في الحديث الصحيح حديث الشفاعة" (١).

ثانيًا: دلت القاعدة على أن طلب الشفاعة في الدنيا من غير الله فيما لا يقدر عليه إلا هو أو من غير إذنه شرك بالله تعالى؛ لأنها متضمنة


(١) شرح العقيدة الطحاوية (ص ٢٦٠)، وانظر: مجموع الفتاوى (٢٤/ ٣٤٠)، والفصل في الملل والأهواء (٤/ ٥٣).