في تقرير توحيد الطلب والقصد، وأما فروع الشرائع من الفرائض، والحلال، والحرام، فقد تختلف؛ فيفرض على هؤلاء ما لا يفرض على هؤلاء، ويخفف على هؤلاء ما شدد على أولئك، ويحرم على أمة ما يحل للأخرى، وبالعكس؛ لحكمة بالغة، وغاية محمودة، قضاها ربنا عَزَّ وَجَلَّ {لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ}[المائدة: ٤٨]{لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا}[هود: ٧] " (١).
هذا بعض ما وقفت عليه من أقوال أهل العلم في تقرير هذه القاعدة، وكلها دلت على صحة هذا الأصل العظيم، واعتماده؛ وهو اتحاد دين جميع الأنبياء، وهو الإسلام العام والعقيدة المشتركة.
* المسألة الخامسة * فوائد القاعدة وتطبيقاتها
دلت هذه القاعدة العظيمة على فوائد عديدة استنبطها أهل العلم -رحمهم اللَّه- من منطوق القاعدة أو مفهومها، واستعملوها في مجالات شتى، وفيما يلي أذكر ما وقفت عليه من فوائد وتطبيقات لهذه القاعدة:
أولًا: من أعظم فوائد القاعدة أنها دلت على مكانة التوحيد العظيمة، وأنه أعظم أركان الدين، وأهم مهماته، وأكبر أسسه وقواعده، ولهذا كان شعار جميع الأنبياء في دعوتهم لأقوامهم، وكل ما مرَّ من نصوص، وأدلة، وأقوال للعلماء متضمن لأعظم الدلالة على أهمية هذا التوحيد ومكانته عند اللَّه تعالى، ولولا ذلك لما بعث به جميع أنبيائه، وجعله مفتاح دعوة كل الرسل.
وبهذا يعلم الخلل الكبير الواقع في كثير من الجهات والأنشطة التي تتبنى أمر الدعوة إلى اللَّه تعالى، وتوجيه الناس، حيث لم توفق لسلوك