للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولحصل من رعيته وجنده ضد مقصوده، وكذلك الأطباء إذا أرادوا حسم الداء منعوا صاحبه من الطرق والذرائع الموصلة إليه، وإلا فسد عليهم ما يرومون إصلاحه، فما الظن بهذه الشريعة الكاملة، التي هي في أعلى درجات الحكمة والمصلحة والكمال" (١).

والقاعدة أوضحت مدى العلاقة والارتباط بين مقاصد الأمور ووسائلها، وأن الوسائل تابعة للمقاصد فيما يتعلق بأحكام المقاصد الشرعية، فما كان للمقاصد من أحكام انتقلت وسرت إلى وسائلها فتأخذ الوسائل نفس أحكام المقاصد من حيث الجملة.

فما كان وسيلة لواجب فهو واجب، وما كان وسيلة لمستحب فهو مستحب، وما كان وسيلة لمحرم فهو محرم، وما كان وسيلة لمكروه فهو مكروه، وما كان وسيلة لمباح فهو مباح.

يقول الإمام القرافي -رحمه الله- في بيانه لحكم الوسائل: "وحكمها حكم ما أفضت إليه من تحريم أو تحليل، غير أنها أخفض رتبة من المقاصد في حكمها؛ فالوسيلة إلى أفضل المقاصد أفضل الوسائل، وإلى أقبح المقاصد أقبح الوسائل، وإلى ما هو متوسط متوسطة" (٢).

* المسألة الثالثة * أدلة القاعدة

لقد دلَّ على صحة القاعدة وما تضمنته أدلة عديدة من الكتاب والسُّنَّة، وفيما يأتي أنقل بعضًا مما استدل به أهل العلم على صحة القاعدة:

أولًا: لا يخفى ارتباط هذه القاعدة بقاعدة (سد الذرائع)، فإن الوسائل المؤدية للفساد هي الذرائع التي يعبر عنها العلماء، لكن الوسائل


(١) إعلام الموقعين (٣/ ١٣٥).
(٢) الذخيرة (١/ ١٥٣).