للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والدرجات في ذلك متفاوتة" (١).

* المسألة الثانية* أدلة القاعدة

هذه القاعدة التي تضمنت تعريف الشرك الأصغر ذكرها الشيخ عبد الرحمن السعدي -رحمه الله- في كتابه القول السديد، وتابعه بعض العلماء في جميع ما ذكره أو في بعضه، والذي يظهر لي أن وضع أهل العلم لهذا الحد لتعريف الشرك الأصغر كان مستندًا ومبينًا على عدة أمور:

أولًا: حديث محمود بن لبيد -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "إِنَّ أَخوَفَ مَا أَخَافُ عَلَيكُمْ الشِّرْكُ الأَصغَرُ" قَالُوا وَمَا الشِّركُ الأَصغَرُ يَا رَسُولَ اللّهِ قَالَ: "الرِّيَاءُ، يَقُولُ اللهُ عز وجل لهُم يَومَ الْقِيَامَةِ إِذَا جُزِيَ النَّاسُ بأَعمَالِهِم اذْهَبُوا إِلَى الَّذِينَ كُنتُمْ تُرَاءُونَ فِي الدُّنْيا فَانْظُرُوا هَلْ تَجِدُونَ عِنْدَهُمْ جَزَاءً" (٢).

فكان هذا الشرك من أعظم الذنوب مخافة من النبي -صلى الله عليه وسلم- على أهل التوحيد؛ لأنه يؤدي بهم إلى الشرك الأكبر، والتنديد الأعظم؛ لما فيه من صرف نوع حق لله تعالى لغيره من الخلق؛ ولذا يطلب منهم ربهم يوم القيامة أن يذهبوا إلى من كانوا يراءون في الدنيا، مع تعظيم القلوب لهم، وظنهم الانتفاع من قبلهم أن يطلبوا منهم الجزاء على


(١) قاعدة في المحبة، لابن تيمية (ص ٢٩٢ - ٢٩٣).
(٢) أخرجه الطبراني في معجمه الكبير (٤/ ٢٥٣)، برقم (٤٣٠١)، والإمام أحمد في مسنده (٥/ ٤٢٨)، حديث (٢٣٦٨٠)، وقال العراقي عقب ذكره: "ورجاله ثقات"، المغني عن حمل الأسفار (٢/ ٩٢٩)، وقال الهيثمي: "ورجاله رجال الصحيح". مجمع الزوائد (١/ ١٠٢)، وقال الحافظ ابن حجر في "بلوغ المرام": "أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ بِسَنَدِ حَسَنٍ"، وحسنه الصنعاني في سبل السلام (٤/ ١٨٥)، وصححه الألباني في صحيح الجامع حديث (١٥٥٥).