للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (٣٣)} [الأعراف: ٣٣]، وهذه العبادة عند المقابر نوع من أن يشرك بالله ما لم ينزل به سلطانًا؛ لأن الله لم ينزل حجة تتضمن استحباب قصد الدعاء عند القبور وفضله" (١).

بل اعتبر جميع المعاصي والذنوب داخلة في عموم الإشراك بطاعة الشيطان، وأنها من شعب الكفر والشرك.

يقول الإمام ابن تيمية في شأن عبادة الشيطان: "ولهذا لم يخلص من الشيطان إلا المخلصون لله كما قال تعالى عن إبليس: {قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (٣٩) إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ (٤٠)} [الحجر: ٣٩ - ٢٠]، وقال تعالى: {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ (٤٢)} [الحجر: ٤٢]، وقال تعالى: {إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (٩٩) إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ (١٠٠)} [النحل: ٩٩ - ١٠٠]، فإذا كان الشيطان ليس له سلطان إلا على من أشرك به، فكل من أطاع الشيطان في معصية الله فقد تسلط الشيطان عليه، وصار فيه من الشرك بالشيطان بقدر ذلك" (٢).

ويقول أيضًا: "فجميع ما نهى الله عنه هو من شعب الكفر وفروعه، كما أن كل ما أمر الله به هو من الإيمان والإخلاص لدين الله؛ ... لكن قد يكون ذلك شركًا أكبر، وقد يكون شركًا أصغر بحسب ما يقترن به من الإيمان، فمتى اقترن بما نهي الله عنه الإيمان لتحريمه، وبغضه، وخوف العقاب، ورجاء الرحمة لم يكن شركًا أكبر، وأما إن اتخذ الإنسان ما يهواه إلهًا من دون الله، وأحبه كحب الله، فهذا شرك أكبر،


(١) اقتضاء الصراط لمخالفة أصحاب الجحيم (ص ٣٤٠).
(٢) قاعدة في المحبة، لابن تيمية (ص ٢٩١)، ضمن جامع الرسائل/ المجموعة الثانية.