للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكل ما ذكر من ضوابط للشرك الأصغر إذا وجدت كانت من أكبر الوسائل، وأقوى الذرائع المؤدية إلى الشرك الأكبر.

يقول الشيخ صالح بن فوزان الفوزان -حفظه الله-: "فالرسول نهى عن الصلاة عند القبور، ونهى عن الدعاء عند القبور، ونهى عن البناء على القبور، ونهى عن العكوف عند القبور، واتخاذ القبور عيدًا، إلى غير ذلك، كل هذا من الوسائل التي تُفضي إلى الشرك، وهي ليست شركًا في نفسها، بل قد تكون مشروعة في الأصل، ولكنها تؤدي إلى الشرك بالله عزَّ وجلَّ، ولذلك منعها -صلى الله عليه وسلم-" (١).

أما كون الشرك الأصغر من وسائل الشرك الأكبر فمما لا شك فيه، ولكن ليست كل وسيلة وسبب للشرك الأكبر نسميه شركًا أصغر؛ كالبدع والمعاصي، وغالب أهل العلم كما سبق يطلق عليها: أسباب الشرك، ووسائله وشوائبه (٢).

على أن شيخ الإسلام ابن تيمية قد يدخلها أحيانًا في عموم الإشراك بسبب طاعة الإنسان لهواه، أو بطاعته الشيطان، فيكون عابدًا لهواه وللشيطان، أو لأن تجويز واستحباب مثل هذه البدع؛ كالعبادة عند القبور يدخل فيمن شرع في الدين ما لم يأذن به الله.

يقول الإمام ابن تيمية في مسألة دعاء الله عند القبور: "وهذا قد دل عليه كتاب الله في مواضع مثل قوله تعالى: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} [الشورى: ٢١]، فإذا لم يشرع الله استحباب الدعاء عند المقابر، ولا وجوبه، فمن شرعه فقد شرع من الدين ما لم يأذن به الله.

وقال تعالى: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ


(١) إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد (١/ ٣١٠).
(٢) انظر: مجموع الفتاوى (٢٤/ ٣٤٣)، و (٢٧/ ١٢٠)، و (٢٧/ ١٣٧)، و (٢٧/ ١٤٥).