للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أهل العلم؛ إذ لا يكاد يخلو نوع من أنواع الشرك الأصغر منها، أو من بعضها، ولا يشترط اجتماعها في كل نوع.

أما الضابط الخامس باعتبار كونه وسيلة وذريعة إلى الشرك الأكبر، وهو ما جاء التنصيص عليه في القاعدة، وذكره بعض أهل العلم فهو من أوسع الضوابط لمعرفة الشرك الأصغر؛ إذ يدخل في ذلك أشياء كثيرة من البدع والمعاصي، وبناء عليه فإنك تجد تعبيرات أهل العلم قد اختلفت في وصف بعض البدع؛ كالغلو في مدح الأنبياء والصالحين، وبناء الأضرحة والقباب على قبورهم، وتحري الدعاء والعبادة عندها؛ فالبعض جعلها من الشرك الأصغر، وبعضهم عبَّر عنها بأنها من وسائل الشرك وأسبابه وشوائبه.

يقول -الإمام المجدد- الشيخ محمد بن عبد الوهاب: "وأما المسائل التي ذكر في الجنائز؛ من لمس القبر، والصلاة عنده، وقصده لأجل الدعاء، أو كذا وكذا فهذا أنواع؛ أما بناء القباب عليها فيجب هدمها، ولا علمت أنه يصل إلى الشرك الأكبر، وكذلك الصلاة عنده، وقصده لأجل الدعاء فكذاك لا أعلمه يصل إلى ذلك، ولكن هذه الأمور من أسباب حدوث الشرك، فيشتد نكير العلماء لذلك" (١).

فسماها -رحمه الله- أسبابًا للشرك، ولم يتعرض لكونها من الشرك الأصغر أم لا.

والأصل أن يقتصر في معنى الشرك الأصغر على ما سبق من ضوابط من كونه قد وردت تسميته شركًا في النصوص الشرعية، أو أن حقيقته قد تضمنت تسوية بين الله وخلقه، أو استلزم تعلقًا قلبيًا بغيره سبحانه، أو اقترن بالفعل أو القول تشريكًا أو تنديدًا شريطة أن لا يصل في جميع ذلك إلى حد العبادة أو الاعتقاد المؤدي إلى الشرك الأكبر،


(١) الفتاوى، للإمام محمد بن عبد الوهاب (ص ٧٠).