للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أذهان الناس أشد القبول" (١).

* المسألة الثانية * بيان معنى القاعدة

لا يخفى على المتأمِّل في حال الأمم، وسائر الأديان اهتمامهم بأمر الشعائر، -سواء كانت مما أنزله الله إليهم أو اخترعوه بأنفسهم- فهي التي تميّزهم عن غيرهم، إذ كل ديانة من الديانات إنما تعرف وتتميّز بما لها من الشعائر الخاصة بها، بل إن مبنى الشرائع على تعظيم شعائر الله تعالى، والتقرب بها إليه تعالى (٢).

والقاعدة أشارت إلى أن تعظيم شعائر الله، وإجلالها، ومحبتها من العبادات القلبية العظيمة التي تستتبع أعمال الجوارح، فهذا التعظيم لهذه الشعائر من الأمور التي يتقرب بها العبد إلى ربه سبحانه وتعالى، ويرجو بسببها رحمة الله وجنته، كما أشارت القاعدة إلى أن هذا التعظيم لشعائر الله هو فرع عن تعظيم الله تعالى، فتعظيم الله تعالى هو الأصل الذي يَنْتُجُ عنه تعظيم جميع ما أشعر الله بتعظيمه وأخبر عباده بمكانته ومنزلته، إذ تعظيم المأمور به وتبجيله يلزم منه تعظيم الآمر به.

والقاعدة دلت على أن تعظيم الشعائر عبادة لله تعالى، وعليه فيكون تعظيمها بإجلالها بالقلب ومحبتها، وتكميلها وتحسينها، وباعتقاد أن التقرب بها من أجل القربات، وأعظم الطاعات (٣).

يقول الإمام ابن القيم: "وروح العبادة: هو الإجلال والمحبة، فإذا تخلى أحدهما عن الآخر فسدت" (٤).


(١) حجة الله البالغة (ص ٣٨٥).
(٢) حجة الله البالغة (ص ١٤٥ - ١٤٦)، وانظر كذا: (ص ٣٤٦).
(٣) انظر: تفسير أبي السعود (٦/ ١٠٦).
(٤) مدارج السالكين (٢/ ٤٩٥).