للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويقول الشيخ العثيمين: "والشعائر: جمع شعيرة؛ وهي التي تكون عَلَمًا في الدين؛ يعني: من معالم الدين الظاهرة؛ لأن العبادات منها خفية: بَيْن الإنسان وربه؛ ومنها أشياء عَلَم ظاهر بيِّن، وهي الشعائر" (١).

ويقول الشيخ أحمد شاه الدهلوي: "وأعني بالشعائر: أمورًا ظاهرة محسوسة، جعلت ليعبد الله بها، واختصت به حتى صار تعظيمها عندهم تعظيمًا لله، والتفريط في جنبها تفريطًا في جنب الله، وركز ذلك في صميم قلوبهم، لا يخرج منه إلا أن تقطع قلوبهم" (٢).

ويظهر مما سبق أن الشعائر عامة في كل ما أشعر الله تبارك وتعالى به عباده، وبين لهم مكانته وأهميته وشرفه، وتعبدهم بكل ذلك، وأنها مشتملة على أمكنة وأزمنة وذوات وأقوال وأفعال.

ولذا يقول الشيخ السعدي في قوله تعالى: {وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} [الحج: ٣٦]: "هذا دليل على أن الشعائر عام في جميع أعلام الدين الظاهرة" (٣).

ويقول الشيخ الدهلوي أيضًا: "وإنما ينبغي أن يجعل من الشعائر: ما كثر وجوده، وتكرر وقوعه، وكان ظاهرًا، وفيه فوائد جمة، تقبله


(١) تفسير القرآن الكريم للعثيمين، سورة البقرة (٢/ ١٨٤)، وإنما أضيفت الشعائر إلى الله؛ لأنه هو الذي أشعرها وشرعها، وأثبتها، وجعلها طريقًا موصولًا إليه، إذ التعظيم من حيث هو تعظيم لا يمدح ولا يذم إلا باعتبار متعلقه، فإذا كان تعظيمًا لله، وكتابه، ودينه، ورسوله، كان خيرًا محضًا، وإن كان تعظيمًا للصنم، وللشيطان، فإضافته إلى هذا المحل جعلته شرًا، كما أن إضافة السجود إلى غير الله جعلته كذلك. [انظر: شفاء العليل (ص ١٨٢)].
(٢) حجة الله البالغة (ص ١٤٥).
(٣) تفسير السعدي (ص ٥٣٨)، ومثل الشعائر في ذلك الحرمات، ولذا عرفها الإمام ابن القيم بالعموم بعد أن ذكر عدة أقوال للسلف فيها فقال: "والصواب أن (الحرمات) تعم هذا كله، وهي جمع حرمة، وهي ما يجب احترامه وحفظه من الحقوق، والأشخاص، والأزمنة، والأماكن، فتعظيمها: توفيتها حقها، وحفظها من الإضاعة". [مدارج السالكين (٢/ ٧٤)].