للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

* المسألة الرابعة * فوائد القاعدة وتطبيقاتها

بعض ما ظهر لي من الفوائد والإيجابيات يمكن استخلاصها من القاعدة:

أولًا: يؤخذ من القاعدة عدم شرعية العبادة في الأماكن أو الأزمان التي تعبد فيها النبي -صلى الله عليه وسلم-، لأنَّه لم يتقصد تلك الأماكن، ولا تلك الأزمان بإيقاع العبادة فيهما، وإنما حصلت منه -صلى الله عليه وسلم- العبادة بحكم الاتفاق كأن يوافق نزوله في مكان معين، وزمان معلوم فيصلي فيه، ولم يتقصد مكانًا بعينه ولا زمانًا لإيقاع العبادة فيهما، فاتخاذ ذلك المكان وتعيينه وقصده للعبادة، واعتقاد أن له ميزة تخصه عن غيره لعبادة النبي -صلى الله عليه وسلم- فيه من المنكرات والبدع، ويدخل في ذلك تعظيم آثار الأنبياء والمحافظة عليها، والتردد عليها بالزيارة؛ كمن يتردد على غار حراء للتعبد فيه، فكل ذلك من البدع المحدثة في دين الإسلام (١).

يقول الإمام ابن تيمية: "والصواب مع جمهور الصحابة؛ لأن متابعة النبي -صلى الله عليه وسلم- تكون بطاعة أمره، وتكون في فعله بأن يفعل مثل ما فعل، على الوجه الذي فعله، فإذا قصد النبي -صلى الله عليه وسلم- العبادة في مكان كان قصد العبادة فيه متابعة له كقصد المشاعر والمساجد، وأما إذا نزل في مكان بحكم الاتفاق؛ لكونه صادف وقت النزول، أو غير ذلك مما يعلم أنه لم يتحر ذلك المكان، فإنّا إذا تحرينا ذلك المكان لم نكن متبعين له فإن الأعمال بالنيات" (٢).


(١) انظر: فيما يتعلق بتخصيص الأمكنة أو الأزمان بقصد العبادة إلى المبحث الخامس من الفصل الأول. قاعدة: (ليس في الشريعة بقعة تقصد للعبادة لذاتها) (ص ١٨٤).
(٢) اقتضاء الصراط المستقيم (ص ٣٨٧).