للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الوجه أثَّر على إيمانه وأخل بتوحيده وتوكله، ثم بعد هذا لا تسأل عما يحدثه له هذا الأمر من ضعف القلب، ووهنه، وخوفه من المخلوقين، وتعلقه بالأسباب، وبأمور ليست أسبابًا، وانقطاع قلبه من تعلقه باللّه، وهذا من ضعف التوحيد والتوكل، ومن طرق الشرك ووسائله، ومن الخرافات المفسدة للعقل.

الأمر الثاني: أن لا يستجيب لذلك الداعي، ولكنه يؤثر في قلبه حزنًا، وهمًّا، وغمًّا، فهذا وإن كان دون الأول لكنه شمر وضرر على العبد، وضعف لقلبه، وموهن لتوكله، وربما أصابه مكروه فظن أنه من ذلك الأمر فقوي تطيّره، وربما تدرج إلى الأمر الأول، فهذا التفصيل يبين لك وجه كراهة الشارع للطيرة وذمها، ووجه منافاتها للتوحيد والتوكل" (١).

* المسألة الرابعة * أقوال العلماء في تقرير معنى القاعدة

ذكر هذه القاعدة الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي -رَحِمَه اللّه- في كتابه "القول السديد في مقاصد التوحيد فقال في شرح باب: (من الشرك لبس الحلقة والخيط ونحوها لرفع البلاء أو دفعه) ما نصه: "والشرع مبناه على تكميل أديان الخلق بنبذ الوثنيات والتعلق بالمخلوقين، وعلى تكميل عقولهم بنبذ الخرافات والخزعبلات، والجد في الأمور النافعة المرقية للعقول، المزكية للنفوس، المصلحة للأحوال كلها دينيها ودنيويها" (٢).

ومقصوده بالتكميل كما سبق هو إصلاحها وصيانتها والمحافظة عليها.


(١) القول السديد في مقاصد التوحيد (ص ١٠٦).
(٢) القول السديد في مقاصد التوحيد (ص ٤٤).