للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ج - توحيد الشرع والقدر]

وهو توحيد العبادة، والشرع يتعلق بالأمر، والقدر يتعلق بعلم اللَّه تعالى وربوبيته، وجمع فيه بين الشرع والقدر؛ لأن اللَّه يعبد بمعرفته كما أنه يعبد بامتثال أمره -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- (١).

يقول الإمام ابن تيمية: "والكلام في الشرع والقدر هو من باب الطلب والإرادة، الدائر بين الإرادة والمحبة، وبين الكراهة والبغض، نفيًا وإثباتًا" (٢).

ويقول الشيخ فالح بن مهدي (٣): "فمن الطلبي الإرادي توحيد


(١) يقول الأستاذ الدكتور الشيخ محمد الخميس - حفظه اللَّه - في تعليقه على كلام شيخ الإسلام ابن تيمجة في التدمرية: "لقد صرح شيخ الإسلام في كلامه هذا: بأن القدر من باب الطلب والإرادة: ولكن أقول: إن هذا يحتاج إلى تفصيل: وهو أن القدر له جهتان؛ جهة الإخبار، وجهة الإرادة، فالقدر من جهة الإخبار هو من باب الخبر نفيًا وإثباتًا، فإذا أخبر اللَّه تعالى أنه قدَّر كذا وكذا -أو أنه ليس بكذا فهو من باب الخبر، أما نفس القدر- فهو من باب الإرادة، فاللّه تعالى قد أراد أشياء وأحبها، فقدَّرها كونًا وأرادها شرعًا؛ كالتوحيد والطاعات، وقدر أشياء كونًا ولكنه لم يقدِّرها شرعًا؛ لأنَّهُ لم يحبها، بل كرهها وأبغضها فلم يردها شرعًا كالكفر والفسوق". [توحيد مقاصد المصطلحات العلمية (ص ١١)].
وقال الشيخ فخر الدين المحسي وفقه اللَّه في تعليقه على التدمرية: "الذي يظهر لي أن القدر ليس من باب الطلب، وإنما هو من باب الخبر، فهو من مباحث الإيمان، وإنما أدخله شيخ الإسلام في الشرع لسببين: أولهما: للتلازم بين الشرع والقدر كما سبق فلا بد من العمل بالشرع مع الاستعانة باللّه للتوفيق. ثانيهما: لأن القدر دائر بين الإرادة والمحبة، والكراهية والبغض، فيتفق مع الشرع من هذا الوجه، واللّه تعالى أعلم". [التوضيحات الأثرية على متن الرسالة التدمرية (ص ٢٧)، لفخر الدين المحسي].
(٢) مجموع الفتاوى (٣/ ٢).
(٣) هو: الشيخ فالح بن مهدي بن سعيد بن مهدي بن مبارك آل مهدي الدوسري، ولد في (ليلى) من الأفلاج، عام ١٣٥٢ هـ، وكف بصره عام ١٣٦٢ هـ، ختم القرآن وعمره ثلاثة عشر عامًا، رحل إلى الرياض ودرس على الشيخ عبد اللطيف بن إبراهيم آل الشيخ، وسماحة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ مفتي الديار السعودية وغيرهم=