للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

التسوية بين الخالق والمخلوق، مع ثبوت الفرق العظيم عقلًا ونقلًا وفطر" (١).

٢ - وقوله سبحانه: {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (١٨)} [يونس: ١٨].

يقول الإمام ابن تيمية: "وأصل ضلال المشركين أنهم ظنوا أن الشفاعة عند الله كالشفاعة عند غيره، وهذا أصل ضلال النصارى أيضًا، قال تعالى: {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ ... } فمن ظن أنْ الشفاعة المعهودة من الخلق للخلق تنفع عند الله مثل أن يشفع الإنسان عند من يرجوه المشفوع إليه، أو يخافه، كما يشفع عند الملك ابنه، أو أخوه، أو أعوانه، أو نظراؤه الذين يخافهم، أو يرجوهم، فيجب سؤالهم لأجل رجائه وخوفه منهم فيمن يشفعون به عنده، وإن كان الملك أو الأمير أو غيرهما يكره الشفاعة فيمن شفعوا فيه، فيشفعهم فيه على كراهة منه، ويشفعون عنده أيضًا بغير إذنه، فالله تعالى هو رب كل شيء، ومليكه، وخالقه، فلا يشفع أحد عنده إلا بإذنه" (٢).

* المسألة الرابعة * أقوال أهل العلم في تقرير معنى القاعدة

لقد عني أهل العلم -رحمهم الله- ببيان معنى القاعدة، وتوضيح العلاقة القوية، والصلة الرابطة بين التشبيه والشرك بالله تعالى في الربوبية، أو الألوهية، أو في الأسماء والصفات، وفيما يأتي أتعرض لبعض أقوالهم المؤيدة لمعنى القاعدة:


(١) تفسير السعدي (ص ٧١٨).
(٢) تلخيص كتاب الاستغاثة (١/ ١٥١).