للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ (٣)} [الزمر: ٣].

فبين حالهم في كونهم إنما عبدوا الأصنام لأجل أن تقربهم من الله زلفى، والزلفى القرابة (١).

يقول الإمام ابن تيمية: "وإن أثبتم وسائط بين الله وبين خلقه؛ كالحجاب الذين بين الملك ورعيته بحيث يكونون هم يرفعون إلى الله حوائج خلقه، فالله إنما يهدى عباده ويرزقهم بتوسطهم، فالخلق يسألونهم وهم يسألون الله، كما أن الوسائط عند الملوك يسألون الملوك الحوائج للناس لقربهم منهم، والناس يسألونهم أدبًا منهم أن يباشروا سؤال الملك، أو لأن طلبهم من الوسائط أنفع لهم من طلبهم من الملك؛ لكونهم أقرب إلى الملك من الطالب للحوائج، فمن أثبتهم وسائط على هذا الوجه فهو كافر مشرك يجب أن يستتاب، فإن تاب وإلا قتل، وهؤلاء مشبهون لله شبهوا المخلوق بالخالق، وجعلوا لله أندادًا" (٢).

فهم بذلك واقعون في التشبيهين؛ تشبيه الخالق سبحانه بملوك الدنيا، وتشبيه المخلوق بالخالق في صرف العبادة له.

يقول الشيخ السعدي في معنى الآية: "أي: لترفع حوائجنا لله، وتشفع لنا عنده، وإلا فنحن نعلم أنها لا تخلق، ولا ترزق، ولا تملك من الأمر شيئًا؛ أي: فهؤلاء قد تركوا ما أمر الله به من الإخلاص، وتجرؤوا على أعظم المحرمات وهو الشرك، وقاسوا الذي ليس كمثله شيء الملك العظيم بالملوك، وزعموا بعقولهم الفاسدة ورأيهم السقيم أن الملوك كما أنه لا يوصل إليهم إلا بوجهاء، وشفعاء، ووزراء، يرفعون إليهم حوائج رعاياهم، ويستعطفونهم عليهم، ويمهدون لهم الأمر في ذلك أن الله تعالى كذلك، وهذا القياس من أفسد الأقيسة، وهو يتضمن


(١) انظر: أضواء البيان (٦/ ٣٥٢).
(٢) مجموع الفتاوى (١/ ١٢٦).