للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والحاصل أن ظهور النوء وقت لنزول المطر بإذن الله تعالى ومشيئته؛ فمن اعتقد أن له تأثيرًا في إنزال المطر بذاته فهذا شرك أكبر بالإجماع، وهو الذي يعتقده أهل الجاهلية، كاعتقادهم في الأموات والغائبين لجلب نفع أو دفع ضر، وإما أن ينسب إنزال المطر إلى النجم، وكونها سببًا للمطر مع اعتقاد أن الله هو الفاعل، فهذا أيضًا مما نفاه النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبطله، وأخبر أنه من أمر الجاهلية، حماية منه لجناب التوحيد، وسدًّا لذرائع الشرك ولو بالعبارات الموهمة التي لا يقصدها الإنسان، وذلك لأنه نسب ما هو من فعل الله إلى خلق مسخر لا ينفع ولا يضر، ولا قدرة له على شيء فيكون شركًا أصغر (١).

* المسألة الرابعة * أقوال أهل العلم في تقرير معنى القاعدة

لا يخفى على المتأمل في كلام العلماء فيما يتعلق بالأسباب والمسببات اهتمامهم بهذا الجانب الهام الذي يحتاج إلى معرفته وتجليته كل مسلم لما فيه من الخطورة، خاصة على عامة الناس ممن ليس له معرفة بالنصوص الشرعية وكلام علماء الأمة، وفيما يأتي أذكر بعض النقول من أقوالهم في تأييد معنى القاعدة:

يقول الإمام ابن القيم مبينًا حقيقة الشرك المتعلق بالأسباب: "فالالتفات إلى الأسباب ضربان: أحدهما شرك، والآخر عبودية وتوحيد، فالشرك: أن يعتمد عليها، ويطمئن إليها، ويعتقد أنها بذاتها محصلة للمقصود، فهو معرض عن المسبب لها، ويجعل نظره والتفاته مقصورًا عليها" (٢).


(١) حاشية كتاب التوحيد، لابن قاسم (ص ٢٣١).
(٢) مدارج السالكين (٣/ ٤٩٩).