للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

العلماء، والشافعي منهم، وهو ظاهر الحديث" (١).

وقال الإمام ابن عبد البر بعد ذكره لحديث النوء: "فمعناه عندي على وجهين؛ أحدهما: أن القائل مطرنا بنوء كذا؛ أي: بسقوط نجم كذا، أو بطلوع نجم كذا، إن كان يعتقد أن النوء هو المنزل للمطر، والخالق له، والمنشئ للسحاب من دون الله، فهذا كافر كفرًا صريحًا ينقل عن الملة، وإن كان من أهلها استتيب. فإن رجع إلى ذلك إلى الإيمان بالله وحده وإلا قتل إلى النار.

وإن كان أراد أن الله عز وجل جعل النوء علامة للمطر، ووقتًا له، وسببًا من أسبابه؛ كما تحيي بالأرض الماء (٢) بعد موتها، وينبت به الزرع، ويفعل به ما يشاء من خليفته (٣)، فهذا مؤمن لا كافر.

ويلزمه مع هذا أن يعلم: أن نزول الماء لحكمة الله تعالى، ورحمته، وقدرته لا بغير ذلك؛ لأنه مرة ينزله بالنوء ومرة بغير نوء كيف يشاء لا إله إلا هو.

والذي أحب لكل مؤمن أن يقول كما قال أبو هريرة: مطرنا بفضل الله ورحمته ويتلو الآية إن شاء" (٤).

ويقول الشيخ الدهلوي عقب ذكره لحديث النوء: "ومغزى الحديث أن من اعتقد للنجوم تأثيرًا في العالم وما يحدث فيه من الحوادث كان عند الله ممن كفر به وعبد النجوم، ومن عزا كل ما يحدث في العالم من خير وشر، ومن حوادث وأمور إلى الله وحده كان عند الله من عباده المقبولين، الذين تبرأوا من عبادة النجوم والكواكب" (٥).


(١) شرح النووي على صحيح مسلم (٢/ ٦٠).
(٢) هكذا في المطبوع، وكذا في الطبعة التي بتحقيق: عبد المعطي قلعجي، ولم يظهر لي وجه ذلك، والمقصود: (كما يحيى الأرض بالماء).
(٣) هكذا في المطبوع ولم يظهر لي وجه ذلك ولعلها تصحفت من (خليقته).
(٤) الاستذكار (٢/ ٤٣٧) ..
(٥) رسالة التوحيد للدهلوي (ص ١٣٠).