أشارت القاعدة إلى العلاقة بين أنواع التوحيد الثلاثة، توحيد الربوبية، وتوحيد الألوهية، وتوحيد الأسماء والصفات، وأضدادها من أنواع الشرك، وأنها علاقة تلازم، فلا ينفك نوع منها عن الآخر، بل ثبوت بعضها وصحته يستلزم ثبوت البقية، ونفي بعضها يستلزم نفي الباقي.
فهي متكافلة متلازمة يكمل بعضها بعضًا، ولا يمكن الاستغناء ببعضها عن الآخر، فلا ينفع توحيد الربوبية بدون توحيد الألوهية، وكذلك لا يصح، ولا يقوم توحيد الألوهية بدون توحيد الربوبية، وكذلك توحيد الله في ربوبيته وألوهيته لا يستقيم بدون توحيد الله في أسمائه وصفاته، فالخلل والانحراف في أي نوع منها هو خلل في التوحيد كله (١).
ومما ينبغي التنبيه عليه قبل الدخول في تقرير معنى القاعدة، أن التلازم الحاصل بين أنواع التوحيد الذي أشارت إليه القاعدة هو بالنظر إلى ذات أنواع التوحيد، مع قطع النظر عن تعلق هذه الأنواع بالعباد؛ إذ إن تعلقها بهم مما يختلفون فيه اختلافًا عظيمًا، ويتباينون فيه تباينًا كبيرًا فلا يمكن ضبطه، كما أن غالب مسائل التوحيد -بأنواعه الثلاثة- يكون تعلقها بالمخلوقين مختصًا بأعمال وأقوال القلوب، وهذه مرجعها إلى الله تبارك وتعالى، كما قال عزَّ من قائل: {وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ
(١) انظر: الكواشف الجلية عن معاني الواسطية (ص ٤٢٢)، ومعتقد أهل السُّنَّة والجماعة في توحيد الأسماء والصفات، للأستاذ الدكتور محمد بن خليفة التميمي (ص ٤٧).