للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

* المسألة الثالثة * أقوال أهل العلم في تقرير معنى القاعدة

لقد قرر أهل العلم -رحمهم الله- هذه القاعدة بلفظها ومعناها، وفيما يأتي بعض ما وقفت عليه من ذلك:

يقول -الإمام المجدد- الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله: "فإذا عرفت أنّ الله خلقك لعبادته فاعلم: أنّ العبادة لا تسمّى عبادة إلا مع التوحيد، كما أنّ الصلاة لا تسمّى صلاة إلا مع الطهارة، فإذا دخل الشرك في العبادة فسدتْ كالحدَث إذا دخل في الطهارة" (١).

وإذا كانت العبادة فاسدة شرعًا خرجت عن حقيقتها الشرعية لفقدها لأعظم ركائزها، وعندها فلا يطلق عليها عبادة شرعًا، وإن كانت هي في صورة العبادة.

ويقول الشيخ سليمان آل الشيخ: "التجرد من الشرك لا بد منه في العبادة، وإلا فلا يكون العبد آتيًا بعبادة الله، بل مشرك، وهذا هو معنى قول المصنف: إن العبادة هي التوحيد؛ لأن الخصومة فيه" (٢).

ويقول أيضًا: "وأنها -أي: العبادة- لا تنفع مع الشرك بل لا تسمى عبادة شرعًا" (٣).

ويقول الشيخ عبد الرحمن السعدي: في معنى قوله تعالى: {وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (٣)} [الكافرون: ٣]: "لعدم إخلاصكم في عبادته، فعبادتكم له المقترنة بالشرك لا تسمى عبادة، وكرر ذلك ليدل الأول على عدم وجود الفعل، والثاني على أن ذلك قد صار وصفًا لازمًا؛ ولهذا ميز بين الفريقين وفصل بين الطائفتين فقال: {لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ (٦)} [الكافرون: ٦] " (٤).


(١) الدرر السنية (٢/ ٢٣).
(٢) تيسير العزيز الحميد (ص ٥١).
(٣) المصدر نفسه (ص ٥٢).
(٤) تفسير السعدي (٩٣٦).