للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وجهرًا، هل يستوي هذا وذاك، لا يستويان مع أنهما مخلوقان، وغير محال استواؤهما، فإذا كانا لا يستويان فكيف يستوي المخلوق والعبد الذي ليس له ملك، ولا قدرة، ولا استطاعة، بل هو فقير من جميع الوجوه بالرب المالك لجميع الممالك، القادر على كل شيء ... فكأنه قيل إذا كان الأمر كذلك فَلِمَ سوَّى المشركون آلهتهم بالله ...

والمثل الثاني: مثل رجلين أحدهما أبكم لا يسمع، ولا ينطق، ولا يقدر على شيء؛ لا قليل ولا كثير، وهو كَلٌّ على مولاه؛ أي: يخدمه مولاه، ولا يستطيع هو أن يخدم نفسه، فهو ناقص من كل وجه، هل يستوي هو ومن يأمر بالعدل، وهو على صراط مستقيم، فأقواله عدل، وأفعاله مستقيمة، فكما أنهما لا يستويان فلا يستوي من عبد من دون الله، وهو لا يقدر على شيء من مصالحه، فلولا قيام الله بها لم يستطع شيئًا منها، ولا يكون كفوًا، ولا ندًّا لمن لا يقول إلا الحق، ولا يفعل إلا ما يحمد عليه" (١).

والمقصود من هذين المثلين الاستدلال بعدم تساوي هذه المذكورات على امتناع التساوي بينه سبحانه وبين ما يجعلونه شريكًا له (٢)، وهذا يدل على أن حقيقة ما وقعوا فيه هو التسوية بين الخالق والمخلوق.

* المسألة الرابعة * أقوال أهل العلم في تقرير معنى القاعدة

لقد تضافرت أقوال العلماء على تأييد معنى القاعدة ولفظها، وذلك انطلاقًا من اهتمامهم بأصل الإسلام الذي هو التوحيد، ومعرفة حقيقة ما


(١) تفسير السعدي (ص ٤٤٥)، [وانظر: تفسير الطبري (١٤/ ١٥٠)، وتفسير السمعاني (٣/ ١٩٠)، ومعاني القرآن (٤/ ٩٣)، وتفسير ابن زمنين (٢/ ٣٥٧)، و (٢/ ٤١٢)، والصواعق المرسلة (٣/ ١٠٣٥)].
(٢) انظر: فتح القدير، للشوكاني (٣/ ١٨٢).