للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يغني من الحق شيئًا؛ في أنها آلهة تنفع وتضر، ويتبعوا أهواء أنفسهم" (١).

ويقول ابن القيم: "فإنهم سموها آلهة وعبدوها لاعتقادهم حقيقة الإلهية لها، وليس لها من الألوهية إلا مجرد الأسماء لا حقيقة المسمى، فما عبدوا إلا أسماء لا حقائق لمسمياتها، وهذا كمن سمى قشور البصل لحمًا وأكلها فيقال: ما أكلت من اللحم إلا اسمه لا مسماه، وكمن سمى التراب خبزًا وأكله يقال: ما أكلت إلا اسم الخبز، بل هذا النفي أبلغ في آلهتهم؛ فإنَّه لا حقيقة لإلهيتها بوجه" (٢).

والخلاصة مما سبق: أن الربوبية والألوهية صفتان لله تبارك وتعالى، وقد تفرَّد بهما سبحانه وتعالى دون أحدٍ من خلقه؛ فهو الرب الذي خلق عباده وملكهم ودبّرهم ورباهم بنعمه العظيمة، وآلائه الجليلة، كما أنه عَزَّ وَجَلَّ هو معبودهم الحق فليس لهم معبود سواه.

* المسألة الثانية* بيان معنى القاعدة

بيَّنت القاعدة العلاقة بين الربوبية والألوهية، وأن لكل واحدٍ منهما مفهومًا خاصًا به؛ فالربوبية، من الملك والتربية بالنعم، والإله من التأله وهو القصد بالعبادة.

وهذا الاختلاف في المفهوم دلّت عليه اللغة كما سبق ذلك مفصلًا من كلام أرباب العربية، كما جاءت النصوص الشرعية وأقوال علماء الإسلام مؤيدة لهذا التباين في المعنى والمفهوم.

يقول الشيخ محمد بن عبد الوهاب -الإمام المجدد- في تفسير قوله تعالى: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ


(١) مجموع الفتاوى (٢/ ٢٥٩).
(٢) بدائع الفوائد (١/ ٢٤).