للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَحَدًا (١١٠)} [الكهف: ١١٠]: "واعلم رحمك الله: أنه لا يعرف هذه الآية المعرفة التي تنفعه إلا من يميّز بين توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية" (١).

كما أفادت القاعدة علاقة الربوبية بالألوهية في النصوص الشرعية، وبيّنت حقيقة التداخل والتلازم بينهما، فالألوهية تتضمن الربوبية، والربوبية تستلزم الألوهية، وعبَّرت القاعدة عن ذلك بقاعدة (الاقتران والافتراق) في الذكر، فالألوهية والربوبية، أو الرب والإله إذا اقترنا في الذكر وسياق الكلام افترقا في المعنى، فصار لكل واحد منهما معنى يخصُّه وينفرد به، وإذا افترقا في الذكر، بحيث ذكر كل واحد منهما في سياق منفردًا: اجتمعا وتداخلا، وأصبح كل واحد منهما يحمل معنى الربوبية والألوهية.

وقاعدة (الاقتران والافتراق) (٢) من القواعد المقررة عند أهل العلم، وهي تعتمد على استقراء النصوص الشرعية في معاني هذه الأسماء واستعمالاتها، في حالة اجتماعها وافتراقها.

يقول الإمام ابن تيمية: "وذلك أن الاسم الواحد تختلف دلالته بالإفراد والاقتران، فقد يكون عند الإفراد فيه عموم لمعنيين، وعند الاقتران لا يدل إلا على أحدهما" (٣).

ويقول الإمام ابن رجب في مسألة دخول الأعمال في مسمى الإسلام دون الإيمان في بعض النصوص النبوية، ثم أوضح ذلك بقوله: "فإنه يتضح بتقرير أصل: وهو أن من الأسماء ما يكون شاملًا لمسميات متعددة عند إفراده وإطلاقه، فإذا قرن ذلك الاسم بغيره صار دالًّا على


(١) تفسير آيات من القرآن الكريم (ص ٢٦١).
(٢) انظر في تقرير معنى قاعدة الافتراق والاقتران: الفتاوى (٧/ ٦٤٨)، (١٣/ ٣٩)، (١٤/ ٩٣)، (١٥/ ٣٤٧)، (٣٢/ ١٨٠)، الجواب الصحيح (٣/ ١١٦ - ١١٧)، شرح العقيدة الطحاوية (ص ٣٩٤).
(٣) مجموع الفتاوى (٧/ ٥٥١).