وركبانًا، ويأتون إليها من كل واد عميق، ومرمى سحيق، ويتجشمون في سبيلها مشاق السفر وعناء التنقل، ... فيذبحون هنالك الأنعام لله تعالى، ويوفون نذورهم ويطوفون بالبيت" (١).
* المسألة الرابعة * فوائد القاعدة وتطبيقاتها
هذه بعض الفوائد التي يمكن الاستفادة منها من خلال هذه القاعدة العظيمة:
أولًا: الضابط في تتبع آثار النبي -صلى الله عليه وسلم-، سواء كانت مقامًا له، أو مكانًا مرَّ به وصلى فيه، أو بقعة نزل واستراح فيها، أو غير ذلك من مواضع جلوسه أو قيامه أو نومه، أو البقاع التي نزل بها في طريق هجرته، هو أن:
ما قصده الرسول -صلى الله عليه وسلم- من هذه الأمكنة والبقاع بالعبادة، أو كان يتحراها بإيقاع العبادة فيها، أو قصدها تشريعًا للأمة فهذا يشرع متابعته فيها -صلى الله عليه وسلم-، وتحري تلك الأمكنة بالعبادة اقتداء به عليه الصلاة والسلام، وطلبًا للقربة والثواب، وذلك مثل قصده للصلاة عند مقام إبراهيم -عليه السلام- عملًا بقوله تعالى:{مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى}[البقرة: ١٢٥]، وكقصده لعرفات، ومزدلفة، ومنى، وغيرها من المواضع التي قصدها تقربًا وتشريعًا للأمة.
وأما ما فعله -صلى الله عليه وسلم- من العبادات وغيرها في أي بقعة من البقاع اتفاقًا، أو للحاجة، ولم يكن قصده التشريع للأمة، وإنما فعلها من باب العادة، أو صادفته الصلاة فيها، وصلى من غير قصد أو تحر لها، فهذا مما لا يشرع قصده أو متابعته فيه.