للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عبادات يصرفونها لله تعالى، وقد يخلصون في عباداتهم في أوقات الشدة والضيق، وإنما النزاع بينهم وبين الرسل في تخصيص الله بالعبادة، وإفراده بها دون كل ما سواه جلَّ وعلا (١).

هذا هو محك الخصومة، وأساس النزاع، ومنبع العداوة بين الأنبياء وأقوامهم، فالأنبياء ما زالوا يدعونهم إلى توحيد الله تعالى، وإخلاص العبادة له، وأقوامهم المشركون ما فتئوا يعاندون، ويستكبرون، ويصرون على الشرك بالله العظيم، والعكوف على عبادة الأوثان، ويصدون عن ذكر الله كثيرًا، إلا من هداه الله منهم فرجع إلى التوحيد وإخلاص التعبد لله وحده.

* المسألة الثانية * أدلة القاعدة

لا تكاد أدلة هذه القاعدة تحصى كثرة، فهي من أوضح المعاني التي كثر ذكرها وتقريرها في القرآن العظيم، كما أن سيرته -صلى الله عليه وسلم- خير شاهد على ما دلت عليه، وفيما يأتي أذكر بعض هذه الأدلة الدالة على حقيقة الخصومة بين الأنبياء وأممهم الذين بعثوا إليهم:

أولًا: الأدلة العامة الدالة على أن أصل دعوة جميع الأنبياء والمرسلين إنما كان قائمًا على دعوة المشركين إلى عبادة الله تعالى، وإخلاص التوجه له وحده، والتحذير من الإشراك في العبادة بأحد من الخلق مهما كانت مكانته، ومهما علت منزلته، ومن تلك النصوص:

١ - قوله تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} [النحل: ٣٦]، وقوله سبحانه: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ (٢٥)} [الأنبياء: ٢٥].


(١) انظر: مجموع فتاوى ومقالات متنوعة (٢/ ٥١).