للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أجل السلامة من الشرك كبيره وصغيره، وتخليص القلوب لربها ومالكها.

والقاعدة دلت على أن من المقاصد الشرعية، والقواعد المرعية في شريعة الإسلام سدّ باب الذرائع المؤدية إلى الشرك، والموصلة إلى تعليق القلوب لغير باريها وخالقها.

* المسألة الثالثة* أدلة القاعدة

لقد حازت هذه القاعدة العظيمة على مكانة كبيرة في الشرع، ولذا فلا تكاد تحصر أدلتها من حيث عمومها إلا بشيء من الجهد، وفيما يأتي أذكر بعض ما وقفت عليه من ذلك، وسيكون التركيز على الأدلة المتعلقة بالعقيدة، والتي فيها سد الطرق المؤدية والموصلة إلى الشرك بجميع أنواعه، وقد أذكر بعض الأدلة العامة التي فيها اعتماد القاعدة عمومًا:

أولًا: قوله تعالى: {وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ مَرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (١٠٨)} [الأنعام: ١٠٨].

وجه الاستدلال من الآية: أن الله تعالى منع أهل الإيمان من سبِّ آلهة المشركين، ومن المعلوم أن سبَّ آلهتهم دائر بين الوجوب والندب والإباحة، ولكنه لما كان سبّ آلهتهم قد يفضي إلى سبّهم لله تعالى نهي عن ذلك؛ سدًا لهذه المفسدة وهذه الذريعة، وهي شتمهم لله تعالى، وظاهر الآية وإن كان نهيًا عن سبِّ الأصنام فحقيقته النهي عن سب الله تعالى؛ لأنَّه سبب لذلك (١).


(١) ولكن كيف يقع من مشركي قريش وغيرهم سبّ الله تعالى مع إيمانهم بوجود الله تعالى، وعدم إنكارهم له، واعتقادهم بربوبيته سبحانه وتعالى، وقد ذكر الرازي بعض الأوجه التي تزيل هذا الإشكال فقال: "واعلم أنا قد دللنا على أن القوم كانوا مقرين بوجود =