للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يقول الإمام ابن تيمية في معرض ذكره لدلالة الآية على سد الذرائع: "حرَّم سب الآلهة مع أنه عبادة؛ لكونه ذريعة إلى سبهم سبحانه وتعالى؛ لأن مصلحة تركهم سب الله سبحانه راجحة على مصلحة سبّنا لآلهتهم" (١).

ويقول الإمام ابن كثير في معنى الآية: "يقول الله تعالى ناهيًا لرسوله -صلى الله عليه وسلم- والمؤمنين عن سبِّ آلهة المشركين وإن كان فيه مصلحة إلا أنه يترتب عليه مفسدة أعظم منها، وهي مقابلة المشركين بسبّ إله المؤمنين وهو: الله لا إله إلا هو، ومن هذا القبيل ترك المصلحة لمفسدة أرجح منها" (٢).

ويقول الشيخ عبد الرحمن السعدي في معنى الآية: "ينهى الله المؤمنين عن أمر كان جائزًا، بل مشروعًا في الأصل وهو سب آلهة المشركين التي اتخذت أوثانًا وآلهة مع الله، التي يتقرب إلى الله بإهانتها وسبها، ولكن لما كان هذا السب طريقًا إلى سب المشركين لرب العالمين الذي يجب تنزيه جنابه العظيم عن كل عيب وآفة وسب وقدح


= الإله تعالى فاستحال إقدامهم على شتم الإله، بل هاهنا احتمالات؛ أحدها: أنه ربما كان بعضهم قائلًا بالدهر، ونفي الصانع، فما كان يبالي بهذا النوع من السفاهة.
وثانيها: أن الصحابة متى شتموا الأصنام فهم كانوا يشتمون الرسول -عليه الصلاة والسلام-، فالله تعالى أجرى شتم الرسول مجرى شتم الله تعالى، ... وثالثها: أنه ربما كان في جُهّالهم من كان يعتقد أن شيطانًا يحمله على ادعاء النبوة والرسالة، ثم إنه لجهله كان يسمي ذلك الشيطان بأنه إله محمد -عليه الصلاة والسلام- فكان يشتم إله محمد بناء على هذا التأويل".
وقال ابن الجوزي رحمه الله: " (فيسبوا الله)؛ أي: فيسبوا من أمركم بعيبها، فيعود ذلك إلى الله تعالى، لا أنهم كانوا يصرحون بسبّ الله تعالى؛ لأنَّهم كانوا يقرون أنه خالقهم وإن أشركوا به". [انظر: التفسير الكبير (١٣/ ١١٥)، وتفسير السمعاني (٢/ ١٣٥)، وزاد المسير (٣/ ١٠٢)، وتفسير البغوي (٢/ ١٢٢)، ومرقاة المفاتيح (٧/ ٣٥٤)].
(١) الفتاوى الكبرى (٣/ ٢٥٨).
(٢) انظر: تفسير ابن كثير (٢/ ١٦٥).