* المسألة الثالثة * أقوال أهل العلم في تقرير معنى القاعدة
فيما يلي بعض ما وقفت عليه من أقوال العلماء التي تؤيد معنى القاعدة: يقول ابن الأثير مقررًا وموضحًا لمعنى القاعدة: "فإن القول الحق الذي لا يشك فيه: هو أنهم كانوا أهل أوثان يعبدونها كما نطق به القرآن، وهو مذهب طائفة من الصابئين، فإن أصل مذهب الصابئين عبادة الروحانيين وهم الملائكة؛ لتقربهم إلى الله تعالى زلفى، فإنهم اعترفوا بصانع العالم، وأنه حكيم قادر مقدس، إلا أنهم قالوا: الواجب علينا معرفة العجز عن الوصول إلى معرفة جلاله، وإنما نتقرب إليه بالوسائط المقربة لديه، وهم الروحانيون، وحيث لم يعاينوا الروحانيين تقربوا إليهم بالهياكل، وهي الكواكب السبعة السيارة؛ لأنَّها مدبرة لهذا العالم عندهم.
ثم ذهبت طائفة منهم وهم أصحاب الأشخاص، حيمث رأوا أن الهياكل تطلع وتغرب، وترى ليلًا ولا ترى نهارًا إلى وضع الأصنام لتكون نصب أعينهم؛ ليتوسلوا بها إلى الهياكل، والهياكل إلى الروحانيين، والروحانيون إلى صانع العالم.
فهذا كان أصل وضع الأصنام أولًا، وقد كان أخيرًا في العرب من هو على هذا الاعتقاد، قال تعالى:{مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى}[الزمر: ٣] " (١).
ويقول الإمام ابن تيمية في بيان مذاهب المشركين في اتخاذ الأصنام: "بل إنما كانوا يتخذونها شفعاء ووسائط لأسباب؛ منهم من