للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

غاية المراد، وتمام الواجب والمستحب" (١).

* المسألة الثانية * أدلة القاعدة

دلَّ على صحة هذه القاعدة أدلة عديدة في كتاب اللَّه تعالى وفي سُنّة النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم-، وإجماع الأمة، وفيما يأتي أذكر بعض ما ظهر لي منها:

أولًا: عموم النصوص الدالة على إكمال اللَّه تعالى لهذا الدين، وأنه لم ينقص منه شيئًا، كما في قوله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة: ٣] وقال سبحانه: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ} [الأنعام: ٣٨] ولا شكَّ أن كمال الدين يستلزم اكتمال معانيه، وبيانها، وعدم خفائها وغموضها، لا سيما أصول الدين وقواعده العظام.

يقول الإمام ابن حزم: "فأيقنا -وللّه الحمد- بأن الدين الذي كَلَّفَنا به ربنا، ولم يجعل لنا مخلصًا من النار إلا باتباعه، مبين كله في القرآن الكريم، وسُنّة رسوله -صلى الله عليه وسلم-، وإجماع الأمة، وأن الدين قد كمل فلا مزيد فيه ولا نقص، وأيقنا أن كل ذلك محفوظ مضبوط ... " (٢).

ويقول -رحمه الله-: "وقد شهد اللَّه تعالى بأن النص لم يفرط فيه شيئًا، وأن رسوله عليه الصلاة والسلام قد بيَّن للناس كل ما نزل إليهم، وأن الدين قد كمل، فصح أن النص قد استوفى جميع الدين" (٣).

ويقول الإمام ابن تيمية في بيان قول اللَّه تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ}: "وهذا نص في أن الدين كامل لا يحتاج معه إلى غيره" (٤).

ويقول الإمام ابن كثير: "هذه أكبر نعم اللَّه تعالى على هذه الأمة


(١) مجموع الفتاوى (٣/ ٢٩٥).
(٢) النبذة الكافية لابن حزم (ص ١٦).
(٣) المحلى (١/ ٥٦).
(٤) الصفدية (١/ ٢٥٩).