للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الثاني: أن تدعو مخلوقًا مطلقًا، سواء كان حيًّا أو ميتًا فيما لا يقدر عليه إلَّا الله، فهذا شرك أكبر لأنك جعلته ندًّا لله فيما لا يقدر عليه إلا الله، مثل: يا فلان! اجعل ما في بطن امرأتي ذكرًا.

الثالث: أن تدعو مخلوقًا ميتًا لا يجيب بالوسائل الحسية المعلومة، فهذا شرك أكبر أيضًا لأنه لا يدعو من كان هذه حاله حتى يعتقد أن له تصرفًا خفيًا في الكون (١).

* المسألة الثالثة * أدلة القاعدة

بعض ما ظهر لي من أدلة مؤيدة لمعنى القاعدة:

أولًا: أن التوجه بالطلب والسؤال لغير الله فيما لا يقدر عليه إلا هو سبحانه فيه صرف لبعض صفات الربوبية لمن توجه إليه بالسؤال والطلب؛ من العلم المطلق، والبصر المطلق، والسمع المطلق، والقدرة المطلقة المساوية لقدرة الله تعالى، ولا شك أن هذا الاعتقاد من أعظم الشرك، وأقبح الكفر بالله العظيم.

يقول الرازي في "تفسيره" لقوله تعالى: {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ (٥)} [الأحقاف: ٥]، والآيات التي بعدها: "اعلم أنه تعالى بيّن فيما سبق أن القول بعبادة الأصنام قول باطل من حيث إنها لا قدرة لها ألبتة على الخلق، والفعل، والإيجاد، والإعدام، والنفع، والضر، فأردفه بدليل آخر يدل على بطلان ذلك المذهب، وهي أنها جمادات فلا تسمع دعاء الداعين، ولا تعلم حاجات المحتاجين، وبالجملة فالدليل الأول كان إشارة إلى نفي العلم من كل الوجوه، وإذا انتفى العلم والقدرة من كل


(١) القول المفيد على كتاب التوحيد (١/ ١٥٩ - ١٦٠).