للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الوجوه لم تبق عبادة معلومة ببديهة العقل" (١).

ويقول الألوسي: "إن الناس قد أكثروا من دعاء غير الله تعالى من الأولياء الأحياء منهم والأموات وغيرهم، مثل يا سيدي فلان أغثني، وليس ذلك من التوسل المباح في شيء، واللائق بحال المؤمن عدم التفوه بذلك وأن لا يحوم حول حماه، وقد عده أناس من العلماء شركًا، وإن لا يكنه فهو قريب منه، ولا أرى أحدًا ممن يقول ذلك إلا وهو يعتقد أن المدعو الحي الغائب أو الميت المغيب يعلم الغيب أو يسمع النداء، ويقدر بالذات أو بالغير على جلب الخير ودفع الأذى وإلا لما دعاه ولا فتح فاه وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم" (٢).

والمراد من الدعاء كما قال غير واحد السؤال والطلب، وهو مخ العبادة؛ لأن الداعي لا يقدم على الدعاء إلا إذا عرف من نفسه الحاجة إلى ذلك المطلوب، وأنه عاجز عن تحصيله، وعرف أن ربه تبارك وتعالى يسمع الدعاء، ويعلم الحاجة، وهو قادر على إيصالها إليه، ولا شك أن معرفة العبد نفسه بالعجز والنقص، ومعرفته ربه بالقدرة والكمال من أعظم العبادات" (٣).

ويقول الشيخ سليمان آل الشيخ: "جعله الدعاء والهتف ليسا نتيجة الاعتقاد، بل يصدران ممن اعتقاده منحصر في الله، وهو يدعو غيره، ويلتجئ إليه فيما لا يقدر عليه إلا الله وحده، ويهتف بذكره عند الشدائد وغيرها ليجلب له، أو يدفع عنه، وهو لا يعتقد فيه القدرة على شيء مما طلبه منه، هذا محال أن يطلب أحد غيره شيئًا، أو يدعوه منه، وهو يعلم ويعتقد أنه لا يقدر عليه، ولا يوصل مطلوبه ومقصوده إليه" (٤).


(١) التفسير الكبير للرازي (٢٨/ ٦).
(٢) روح المعاني للألوسي (٦/ ١٢٨).
(٣) روح المعاني (٨/ ١٣٩).
(٤) التوضيح عن توحيد الخلاق، للشيخ سليمان (ص ١٧٧ - ١٧٨).