للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عن الآخر، والنتيجة وجود عبادات لا حد لها ولا حصر في أعدادها، وأوقاتها، وكيفياتها، وشروطها وأركانها، وعليه فيعبد كل إنسان ما تهواه نفسه، ويشتهيه قلبه، ويزينه له عقله (١).

ولذا جاء الشرع بوقف العبادات على النصوص الشرعية من الكتاب أو السُّنَّة، فكل عبادة خلت من هذا الختم العظيم فلا اعتبار بها، ولا ثواب عليها، بل صاحبها مستحق للعقوبة في الدنيا والآخرة.

يقول الإمام ابن تيمية: "ومعلوم أن من شرع عبادة يتقرب بها إلى الله، ويجعلها وسيلة له إلى الله، يرجو عليها ثواب الله؛ إما واجبة أو مستحبة، فلا بد أن يكون من الدين الذي شرعه الله وأمر به، وإلَّا كان حظ صاحبها الإبعاد والطرد، ولهذا قال الفقهاء: العبادات مبناها على التوقيف والاتباع لا على الهوى والابتداع وقد قال الله لنبيه: {إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (٤٥) وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا (٤٦)[الأحزاب: ٤٥، ٤٦]، فهو داع إلى الله بإذن الله لا من تلقاء نفسه بل أُمِر" (٢).

* المسألة الثالثة * أدلة القاعدة

المتأمل في نصوص الشريعة يجد الأدلة العديدة، والواضحة في تأييد هذه القاعدة العظيمة، وفيما يأتي أذكر بعض النصوص المؤيدة والمقررة لما دلت عليه القاعدة:

أولًا: النصوص الواردة في أمر الله تعالى لنبيه محمد - صلى الله عليه وسلم - بالاستقامة على الدين، واتباع ما جاءه من عند ربه سبحانه، وتصريحه - صلى الله عليه وسلم - بأنه متبع لوحي الله تبارك وتعالى، ولا شك أن عبادة الله تعالى هي أعظم


(١) انظر: الموافقات للشاطبي (١/ ٢٨٤ - ٢٨٥).
(٢) تلخيص كتاب الاستغاثة (١/ ٢٨٨).