للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يقول الإمام ابن تيمية: "ولم يشرع الله تعالى للمسلمين مكانًا يقصد للصلاة إلا المسجد، ولا مكانًا يقصد للعبادة إلا المشاعر، فمشاعر الحج كعرفة ومزدلفة ومنى تقصد بالذكر والدعاء والتكبير، لا الصلاة، بخلاف المساجد فإنَّها هي التي تقصد للصلاة، وما ثَمَّ مكان يقصد بعينه إلا المساجد والمشاعر، وفيها الصلاة والنسك، قال تعالى: {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (١٦٢) لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ} [الأنعام: ١٦٢ - ١٦٣]، وما سوى ذلك من البقاع فإنَّه لا يستحب قصد بقعة بعينها للصلاة ولا الدعاء، ولا الذكر إذ لم يأت في شرع الله ورسوله قصدها لذلك" (١).

* المسألة الثانية * أدلة القاعدة

فيما يأتي أذكر بعض ما ظهر لي من أدلة على صحة القاعدة وتقريرها:

أولًا: أن قصد مكان أو زمان لأداء العبادة فيه مما يحتاج إلى دليل شرعي يدل على مشروعية هذا القصد؛ وقد جاءت النصوص الشرعية بالوعيد الأكيد لمن عمل عملًا تعبديًا بدون مستند شرعي.

فقد روى الشيخان من حديث عائشة -رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله -صلي الله عليه وسلم-: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس فيه فهو رد"، وفي رواية لمسلم: "من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رد" (٢).


(١) مجموع الفتاوى (٢٧/ ٥٠٣ - ٥٠٤).
(٢) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الصلح، باب: إذا اصطلحوا على صلح جور فالصلح مردود (٢/ ٩٥٩)، رقم (٢٥٥٠)، ومسلم في صحيحه، كتاب الأقضية، باب: نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور (٣/ ١٣٤٣) رقم (١٧٢٨).