للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تعالى به من العبادات التي تفعل فيها؛ لما قد علم أن الأمكنة والأزمنة لا تتشرف لذاتها، وإنما يحصل لها التشريف بما خصت به من المعاني" (١).

ومن أعظم هذه المعاني عبادته -سبحانة وتعالي- وإقامة ذكره -عز وجل-، فهي شريفة في ذاتها بتشريف الله تعالى لها، وهي من شعائر الله التي أمر الله تعالى بتعظيمها وإقامة ذكر الله عندها، والله تعالى لم يعظمها إلا لمعنى اختصت به في نفسها، ومن أعظم ذلك ارتباطها الشرعي بنوع من التعبد لله تعالى.

فالبقعة من حيث هي بقعة لا تقصد بالعبادة شرعًا، وإنما تقصد لإيقاع العبادة فيها لله تعالى (٢).

ومحصل ما دلت عليه القاعدة أنه لا يجوز قصد بقعة أو مكان للعبادة إلا ما شرعه الشارع، أو حثَّ عليه، أو رغَّب فيه، ومن المقرر المعلوم أن الله تعالى لم يشرع للمسلمين مكانًا يقصدونه للعبادة إلا المساجد ومشاعر الحج؛ فأما المساجد فيشرع قصدها للصلاة فيها والذكر والدعاء ونحو ذلك، وأما المشاعر فيشرع قصدها لأداء شعائر الحج ومناسكه، ولا يشرع قصدها للصلاة لذاتها ابتداء، وإنما تدخل الصلاة تبعًا لأداء المناسك؛ إذ لا يشرع قصد مكان للصلاة إلا أن يكون من المساجد التي هي بيوت الله والتي تقام فيها صلوات المسلمين.


= سمع ببلاده ثم قدم الديار المصرية، وحج، جمع كتابًا سماه المدخل، كثير الفوائد كشف فيه عن معايب وبدع يفعلها الناس، ويتساهلون فيها، وذكر أشياء لا تحسن حسبت عليه، ومات في جمادى الأولى سنة ٧٣٧ هـ، وقد بلغ الثمانين أو جاوزها وأضر في آخر عمره. [ترجمته في: الدر الكامنة في أعيان المائة الثامنة (٥/ ٥٠٧)].
(١) المدخل (٢/ ٣).
(٢) انظر حاشية الجمل شرح المنهج، لسليمان الجمل (١/ ٤٨٦)، وتفسير السلمي (٢/ ٤٠٦).