للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رابعًا: من المعلوم أن التفريق في الحكم بين الشيئين المتفقين في الحقيقة والمعنى والصفة لمجرد اختلاف الأسماء من الظلم العظيم الذي نهى الله عنه، بل هو تفريق بين المتماثلين، والله تعالى قد أمر بالعدل والاعتبار الذي هو القياس الشرعي، وهو التسوية في الحكم بين المتماثلين في الحقيقة والمعنى ولو اختلفت الألفاظ، وتنوعت الأسماء، فلا فرق بين شرك وشرك، ولا بين شراب مسكر وآخر مثله باسم آخر، وهكذا (١).

خامسًا: كما لا يخفى أن التحريم الشرعي إنما يكون تابعًا للحقيقة والمفسدة لا للاسم والصورة؛ فإن إيقاع العداوة والبغضاء، والصد عن ذكر الله، وعن الصلاة بسبب شرب الخمر، وكذا سوء الظن وقلة الأدب مع الله، وتشبيه المخلوق بالخالق، والتنقص لعظمة الألوهية والربوبية الحاصل بسبب الإشراك في عبادة الله تعالى لا يزول، ولا يتغير بتبديل الأسماء والصور، وهل هذا إلا من سوء الفهم، وعدم الفقه عن الله ورسوله (٢).

* المسألة الرابعة * أقوال أهل العلم في تقرير معنى القاعدة

لقد حرص أهل العلم أشد الحرص على بيان هذه القاعدة الشرعية، واستعملوها في ردِّهم لكثير من البدع والحيل، وفيما يأتي أنقل بعض ما وقفت عليه من أقوال تؤيد معنى القاعدة، وتقرر مفهومها الذي دلت عليه:

يقول الإمام ابن القيم: "فإن الحقائق لا تتغير بتغير الألفاظ" (٣).


(١) انظر: مجموع الفتاوى (٣٤/ ١٩٦).
(٢) انظر: إعلام الموقعين (٣/ ١١٦).
(٣) إعلام الموقعين (١/ ٢٢٤).